للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

صحيح في (الخراج والإمارة)، باب (في أرزاق الذرية) عن المقدام بن معدي كرب - رضي الله عنه -.

ومعلوم أنه - صلى الله عليه وسلم - لا يرث لنفسه شيئاً، وإنما ينفق ذلك في مصالح المسلمين.

ومن هنا أفتوا بتوريث بيت المال، وجعلوا مرتبته بعد أصحاب الفروض والعصبات. فإذا لم يكن عصبة، ولم يكن صاحب فرض، أو لم يستغرق أصحاب الفروض بسهامهم جميع التركة، كانت التركة، أو ما فضل منها، من نصيب بيت المال، عملاً بالقاعدة المعروفة: (الغُرْم بالغُنْم).

أما إذا كان بيت المال غير منتظم، فإنه لا حق له في الميراث.

وعندئذ يعمل بالرد على أصحاب الفروض، فإن لم يكونوا، ورث ذوو الأرحام تركة الميت.

هذا وقد أفتى المتأخرون من العلماء، بعدم انتظام بيت المال، بل قالوا: إنه ميئوس من انتظامه حتى ينزل عيسى عليه السلام.

[دليل مشروعية الرد:]

يستدل على مشروعية الرد - بالجملة - بعموم الأولوية، في الأدلة التي قضت بولاية الأرحام بعضهم لبعض. قال تعالى: {وَأُوْلُواْ الأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللهِ} [الأنفال: ٧٥].

ولذلك لم يردوا على الزوجين، لأنهما ليسا من ذوي الأرحام ن حيث الزوجية، لأن وصلتهما سببية، وقد انقطعت بالموت.

ومن الأدلة أيضاً في توريث ذوي الأرحام، حديث سعد بن أبي وقاص - رضي الله عنه -، لما أراد أن يوصي بثلثي ماله، فرده النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الثلث وقال له: " إنك أن تذر ورثتك أغنياء خير من أن تذرهم عالة يتكففون الناس" أخرجه البخاري (١٢٣٣) في (الجنائز)، باب (رثى النبي سعد بن خولة)؛ ومسلم (١٦٢٨) في (الوصية)، باب (الوصية بالثلث). وقد أخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>