الوكالة صحيحة سواء أجعل الموكِّل شيئاً مقابل ذلك أم لم يجعل. فقد ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وكَّل ولم يعط شيئاً على العمل، كما أنه كان يوكِّل السُعاة بجمع الزكاة ويعطيهم على ذلك أجراً يجعله لهم مقابل عملهم. وفي حال كونها بجعل يشترط أن يكون الجعل معلوماً، فلا يصح ما يفعله الناس اليوم من إعطاء المحامين نسبة مئوية من مال القضية التي يربحونها كأتعاب لهم. كما لا يصح اعطاء جباة الجمعيات ونحوها نسبة مئوية مما يجبونه من اموال، وكذلك إعطاء أصحاب المكاتب العقارية نسبة مئوية من قيمة ما يبيعونه. والمشروع في ذلك كله تحديد جُعْل يُتّفق عليه قبل بدء العمل وعند التوكيل. ويستحق هذا الجعل عند الانتهاء من العمل الموكل فيه.
[٣ - صفة يد الوكيل:]
يد الوكيل على ما وكّل فيه يد أمانة، فلا يضمن إلا بالتعدِّي، حتى ولو كانت الوكالة بجُعْل، لأن الوكيل نائب عن الموكِّل في التصرّف فيما تحت يده، فكانت يده كيده، فكما ان المالك لا يضمن ما تلف في يده من ملكه فكذلك وكيله.
وأيضاً فإن الوكالة إرفاق وتعاون من الوكيل، والضمان ينافي ذلك وينفّر عنه، ويجعل الناس يمتنعون عنها، فيكون في ذلك حرج، فإذا تعدَى - كأن استعمل ما وكل ببيعه او شرائه، او ضاع منه ولم يدر كيف ضاع، او وضعه في مكان ثم نسيه، او خالف الموكل - فإنه يضمن في ذلك كله.
[٤ - دعوى الوكالة:]
إذا جاء إنسان ألى مَن عليه حق لآخر، وادّعى أنه وكيل صاحب الحق، وأنه وكّله في قبض الحق منه، وصدّقه مَن عليه الحق في ذلك، فهل يجب دفع الحق إليه؟
والجواب: إنه لا يجب عليه ذلك، لأن هذا الدفع لا يبرئه من الحق، فلا يؤمر به لا أن أقام بينة على دعواه.
فإذا دفع اليه وقبضه جاز، فإذا حضر صاحب الحق وصدقه بالوكالة فقد ظهر