ويطلع الكتابيون على ما لم يكونوا يعلمونه من حقائق الإسلام، وتذوب أسباب العصبية، فيجتمع الكل على الحق.
إلا أن هذا التعايش لا يتم إلا بتحمل الدولة الإسلامية مسؤولياتها تجاههم، والنظر في شؤونهم، لا سيما المعيشية والاقتصادية، فكان لابد من أخذ ضريبة مالية محددة، لتيسير أسباب القيام بهذه المسؤوليات.
[شروط الجزية]
يشترط لعقد الجزية الشروط التالية:
١ - أن يكون أصحابها من أهل الكتاب ـ نصارى أو يهوداً ـ أو من هم في حكمهم، وهم المجوس، لقوله - صلى الله عليه وسلم -: " سنُّوا بهم سنة أهل الكتاب ". (رواه مالك في الموطأ [١/ ٢٧٨] في الزكاة، باب: جزية أهل الكتاب والمجوس). ومثل المجوس في الحكم من يزعمون التمسك بمصحف إبراهيم، أو زبور داود عليهما السلام.
وروي البخاري [٢٩٨٧] في الجزية، باب: أخذ الجزية من اليهود والنصارى والمجوس والعجم، أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه، لم يكن ليأخذ من المجوس، حتى شهد عبدالرحمن بن عوف رضي الله عنه أن النبي $ أخذها من مجوس هجر.
٢ - أن يجري بذلك عقد إيجاب وقبول بينهم وبين إمام المسلمين، فيقول الإمام، أو من ينوب منابه: أقربكم بدار الإسلام على أن تبذلوا جزية قدرها كذا وكذا، وتنقادوا لحكم الإسلام، ثم يقول ممثل الطرف الآخر من أهل الكتاب: قبلنا بذلك.
٣ - أن يذكر قدر الجزية محددة، ومصنفة بالنسبة لأغنيائهم وفقرائهم، وأن يتم القبول بناء على ذلك.
٤ - أن لا يؤقت عقد الجزية بفترة زمنية محدودة، كعام ونحوه، لأنه عقد يحقن به الدم، فلا يجوز أن يكون مؤقتاً، كعقد الإسلام.