للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[كفارة القتل]

[حكمها ودليله:]

يجب على قاتل النفس المحرمة ولو جنيناً، كفارة لحق الله عز وجل، سواء أكان القاتل عمداً أو خطأ أو شبه عمد، وسواء عفي عن الدية المستحقة عليه أم لا، وسواء كان القاتل صبياً أو مجنوناً أو راشداً.

دليل وجوبها قوله تعالى: {وَمَن قَتَلَ مُؤْمِناً خَطَئاً فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ إِلاَّ أَن يَصَّدَّقُواْ فَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ عَدُوٍّ لَّكُمْ وَهُوَ مْؤْمِنٌ فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةٍ وَإِن كَانَ مِن قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ مِّيثَاقٌ فَدِيَةٌ مُّسَلَّمَةٌ إِلَى أَهْلِهِ وَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مُّؤْمِنَةً فَمَن لَّمْ يَجِدْ فَصِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ تَوْبَةً مِّنَ اللهِ وَكَانَ اللهُ عَلِيماً حَكِيماً} (سورة النساء: ٩٢).

ولخبر أبي داود [٣٩٦٤] في العتق، باب: في ثواب العتق، وصححه الحاكم وغيره عن واثلة بن الأسقع قال: أتينا النبي - صلى الله عليه وسلم - في صاحب لنا قد استوجب النار بالقتل، فقال: "أعتقوا عنه رقبة يعتق الله بكل عضو منها عضو منها عضواً من النار". فدل هذا الحديث على أن الكفارة تجب في القتل العمد، لأنه لا يستوجب القاتل النار إلا إذا كان عامداً، أخذاً من قوله تعالى: {وَمَن يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُّتَعَمِّداً فَجَزَآؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِداً فِيهَا وَغَضِبَ اللهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَاباً عَظِيماً} (سورة النساء: ٩٣).

وإذا دلت الآية السابقة على وجوب الكفارة على قاتل الخطأ فمن الأولى أن تجب على قاتل العمد وشبهه، لأن الكفارة للجبر وهؤلاء أحوج إليها.

<<  <  ج: ص:  >  >>