من ليس بأهل الحكم، فا يحل له الحكم، فإن حكم فلا أجر له ن بل هو آثم، ولا ينفذ حكمه، سواء وافق الحق أم لا، لأن إصابته اتفاقية ـ أي عن غير قصد ـ وليست صادرة عن أصل شرعي، فهو عاص في جميع أحكامه، سواء وافق الصواب أم لا، وهي مردودة كلها، ولا يعذر في شيء من ذلك، وقد جاء في السنن: القضاة ثلاثة) ... ثم ساق حديث أبي داود السابق ز
فإن تعذر في رجل جمع تلك الشروط السابقة في القاضي، فولي سلطان له شوكة قاضياً مسلماً فاسقاً أو مقلداً، نفذ قضاؤه للضرورة، لئلا تتعطل مصالح الناس.
وواجب الإمام أن يبحث عن حال القاضي قبل توليته، ويسأله ليعرف أهليته للقضاء، كما فعل رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حينما ولي معاذ بن جبل رضي الله عنه قضاء اليمن. فقال له:" كيف تقضي إذا عرض لك قضاءٌ "؟ قال: أقضي بكتاب الله قال " فإن لم تجد في كتاب الله "؟ قال " أقضي بسنة رسول الله. قال: " فإن لم تجد في سنة رسول الله "؟ قال: أجتهد رأيي ولا آلو. قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: " الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله ". (رواه ابو داود [٣٥٩٢] في الاقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي [١٣٢٧] في الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي).
فإذا ولي الإمام من لا يصلح للقضاء مع وجود الصالح له والعلم بالحال أثم المولي والمولي، ولا ينفذ قضاؤه وإن أصاب فيه.
[ما يستحب أن يكون عليه القاضي من الصفات]
ويندب أن يكون من يتولي القضاء من قريش، ومراعاة العلم والتقي أولي من مراعاة النسب، وأن يكون ذا حلم وتثبت ولين وفطنة ويقظة، وصحة حواس وأعضاء، وأن يكون عارفاً بلغة البلد الذي يقضي لأهله، قنوعاً سليماً من الشحناء، صدوقاً وافر العقل ذا وقار وسكينة.
قال مزاحم بن زافر: قال لنا عمر بن عبدالعزيز: خمس إذا أخطأ القاضي منهن خطة كانت فيه وصمة: أن يكون فهماً حليماً عفيفاً صليباً عالماً سؤولاً عن العلم. (رواه البخاري في الأحكام، باب: متي يستوجب الرجل القضاء) لأن هذه الصفات تزيده بصيرة في القضاء، ومحبة من العامة وثقة في نفوس الناس.