٢ - ان يكون الدَّيْن ثابتاً في ذمّة الراهن للمرتهن: كثمن مبيع بعدما أبرم البيع ولو قبل تسليم المبيع، أو نفقة زوجة عن زمن مضى، أو مال اقترضه الراهن وقبضه أو قبل قبضه، ونحو ذلك، فيصحّ الرهن.
وإنما صحّ الرهن في هذه الحالات لأن الحق قد ثبت، فصارت الحاجة داعية لأخذ الوثيقة به، فصار الرهن ضماناً للدَّيْن، فجاز أخذه به.
وكذلك يصحّ الرهن لو وقع مع العقد الموجب للدَّيْن، كما لو قال: بِعْني هذا الثوب بمائة إلى شهر، وأرهنك بها هذه الساعة، فقال البائع: قبلت، أو بعتك وارتهنت، أو قال: أقرضني ألفاً الى سنة، وأرهنك بها هذه السجادة، فقال: قبلت، أو أقرضتك وارتهنت، لأن الحاجة تدعو الى ذلك، فلو لم يعقد ذلك ويشترطه مع ثبوت الدَّيْن ربما لم يتمكن من إلزام المشتري أو المقترض بعقد الرهن بعد ثبوت الدَّيْن، فيفوت حقه في التوثّق من دَيْنه.
أما إذا حصل عقد الرهن قبل ثبوت الحق أو العقد الذي يوجبه فإنه لا يصحّ، كما لو ارتهنت الزوجة متاعاً مقابل ما سيثبت لها من نفقة في ايام مقبلة، او ارتهن شيئاً بما سيقرضه إياه، أو بثمن ما سيشتريه منه، فإن الرهن في هذه الحالات لا يصحّ ولا ينعقد.
وذلك لأن الرهن وثيقة بالحق فلا تقدم على ثبوته، وتابع فلا يسبقه، كالشهادة فلا تقدّم قبل ثبوت المشهود عليه ولا تسبقه.
٣ - أن يكون الدَّيْن معلوماً للعاقِدَيْن قدراً وصفة: فلو ثبت أن للمرتهن دَيْناً في ذمة الراهن، لكنه يجهل ما هو: أليرات سورية ام غير ذلك؟ أو يجهل قدرها، أهي الف ام الفان؟ فارتهنه شيئاً بها، فإن الرهن لا يصح، سواء أعلم العاقد الثاني قدرها وصفتها أم لا. وذلك لتعذّر استيفاء هذا الدَّيْن المجهول من ثمن العين المرهونة إذا بيعت عند عدم الوفاء.
[لزوم عقد الرهن]
إذا وجدت أركان عقد الرهن بشروطها فقد انعقد صحيحاً، ولكن هل لزم العقد؟ بمعنى أنه ليس للراهن أن يرجع عنه، ويلزمه دفع العين المرهونة للمرتهن،