باب: تحريم ظلم المسلم وخذله واحتقاره ودمه وماله وعرضه، رقم: ٢٥٦٤). فلا يجوز التعرّض لها على كل حال، إلا أنه رخص بذلك بسبب الإكراه، والرخصة - كما سبق وعلمنا - تؤثر في سقوط المؤاخذة لا رفع الحرمة، فإذا امتنع عن الرخصة كان ذلك إيثاراً لحفظ حق حُرمة أخيه المسلم على حق نفسه، فكن مأجوراً غير مأزور.
ويؤكد هذا قوله صلى الله عليه وسلم:"مَن قتل دون ماله فهو شهيد": أي مَن قاتل دفاعاً عن ماله فقُتل كان له أجر الشهيد. (اخرجه أبو داود في كتاب السنّة، باب: في قتال اللصوص، رقم: ٤٧٧١. والترمذي في أبواب الديات، باب: ما جاء فيمن قُتل دون ماله فهو شهيد، رقم: ١٤١٨).
وهذا يدل على أنه إذا أُكره على إتلاف مال نفسه فامتنع كان أفضل، وإذا كان الامتناع في حق مال نفسه أفضل، كان في حق مال غيره من باب أولى.
ومن حيث الحكم الدنيوي:
فقد قال الفقهاء: إذا أُكره إنسان على اتلاف مال غيره فأتلفه، كان لصاحب المال تضمين المكرِه أو المستكرَه، بمعنى أن له أن يطالب أيّهما شاء، لأن المكرِه تسبب بالإتلاف، والمستكرَه هو الذي باشره، والتسبّب بالفعل ومباشرته سواء. ولكن الضمان يستقر في النهاية على المكرِه، أي إذا ضمن المستكرَه رجع بما غرمه على المكره في الأصح.
النوع الثالث: ما لا يُباح ولا يرخّص فيه بالإكراه من التصرفات الحسيّة:
هناك تصرفات محظورة شرعاً، وحرمتها ثابتة بالعقل كما هي ثابتة بالشرع، ولذلك لا تُباح ولا يرخّص بها في حالٍ من الأحوال، من ذلك:
أ-قتل المسلم بغير حق:
لأن القتل حرام محض، ولا يُستباح للضرورة ولا يرخص فيه.
قال تعالى:"ولا تقتلوا النفس التي حرَّم اللهُ إلا بالحق"(الانعام: ١٥١).
وقال صلى الله عليه وسلم: "لا يحلّ دم امرءٍ مسلم، يشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله، إلا بإحدى ثلاث: النفس بالنفس، والثَيب الزاني، والمفارق لدينه التارك