ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فلم ينكر صبره وعدم ترخّصه، بل روى أنه قال فيه:"هو سيد الشهداء وهو رفيقي في الجنة".
والذي سبق فيما يتعلق بأحكام الآخرة.
وأما ما يتعلق بأحكام الدنيا من أثر الإكراه على الكفر: فإن المستكرَه على ذلك لا يُحكم بكفره، ولا يُعامل معاملة المرتد. قال الشافعي رحمه الله تعالى في معرض الكلام عن قوله تعالى:"إلاِّ مَن أُكره .. ": وللكفر أحكام، كفِراق الزوجة، وأن يُقتل الكافر ويُغنم ماله، فلما وضع الله عنه سقطت عنه أحكام الإكراه على القول كله، لأن الأعظم إذا سقط عن الناس ما هو أصغر منه وما يكون حكمه بثبته عليه.
الإكراه على الإسلام:
إذا أُكره إنسان على الإسلام فأسلم اعتُبر إسلامه صحيحاً، وعومل معاملة المسلمين، لأنه إكراه بحق، ولا سيما في المرتد والحربي، وإن احتمل الكفر في قلبه، ترجيحاً لجانب الإسلام، لأن في ذلك إعلاءً للدين الحق، وإعلاء الدين الحق واجب.
ب-إتلاف مال المسلم أو النَّيْل من عرضه:
فلو أُكره على إتلاف مال المسلم رُخص له بذلك، ولا يأثم بالإقدام عليه، لأن مال غيره يرخص له باستهلاكه حال الاضطرار إليه، لدفع الهلاك عند شدة الجوع ونحوه، فكذلك حال الإكراه لأنه نوع اضطرار.
وكذلك لو أُكره على شتم المسلم والطعن في عرضه وما إلى ذلك.
ولو امتنع المستكرَه على الإتلاف أو الطعن كان أفضل، وإذا أصابه أذى في سبيل ذلك أُثيب عليه، لأن حُرمة مال المسلم وعرضه ثابتة بقوله صلى الله عليه وسلم:"كل المسلم على المسلم حرام: دمه وماله وعرضه". (اخرجه مسلم في البرّ والصلة والآداب،