قال تعالى:{فَاسْتَبِقُوا الخَيْرَاتِ}[المائدة: ٤٨]، وقال تبارك وتعالى:{وَأَنفِقُوا مِن مَّا رَزَقْنَاكُم مِّن قَبْلِ أَن يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ}[المنافقون: ١٠]
روى البخاري (١٣٥٣) في (الزكاة)، باب (أيّ الصدقة أفضل .. )، ومسلم (١٠٣٢) في (الزكاة)، باب (أن أفضل الصدقة صدقة الصحيح الشحيح)، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: جاء رجل إلى النبي - صلى الله عليه وسلم -، فقال: يا رسول الله، أي الصدقة أعظم أجراً؟ قال:" أن تصدق وأنت صحيح شحيح، تخشى الفقر، وتأمل الغني، ولا تمهل حتى، إذا بلغت الحلقوم، قلت: لفلان كذا، ولفلان كذا، وقد كان لفلان ".
[شحيح: أي من شأنك الشح، وهو البخل مع الحرص. بلغت الحلقوم: قاربت الروح الحلق، والمراد شعرت بقرب الموت. لفلان كذا: أي أخذت توصي وتتصدق. وقد كان لفلان: أي أصبح مالك ملكاً لغيرك، وهم الورثة].
وروى الترمذي (٢١٢٤) في (الوصايا)، باب (ما جاء في الرجل يتصدق أو يعتق عند الموت)، عن أبي الدرداء، قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" مثل الذي يعتق عند الموت كمثل الذي يُهدي إذا شبع ".
[حكمة مشروعية الوصية:]
مقتضى القواعد الشرعية أن تكون الوصية غير جائزة، لأنها مضافة إلى زمن قد انقطع فيه حق الموصي في ماله، إذ الموت مُزيل للمُلك، ولكن الشرع الحكيم أجاز الوصية، لما فيها من مصلحة للموصي، ولأقربائه وللمجتمع، أما مصلحة الموصي، فهي ما يناله من الأجر والثواب على وصيته، والذكر الحسن الجميل بعد مماته.
وأما مصلحة أقربائه فإن الغالب في الوصايا أن تكون للأقرباء الذين لا يرثون بموجب نظام الإرث في الشريعة الإسلامية، فيستحقون بالوصية قدراً من المال، وهم - غالباً - ممُن يحتاجون إليه.