ونفصّل القول هنا فيما يصحّ التوكيل فيه وما لا يصحّ فنقول:
الوكالة يمكن أن تكون في حق من حقوق العباد، ويمكن أن تكون في حق من حقوق الله تعالى.
[الوكالة في حقوق الله تعالى]
وحقّ الله تعالى: هو ما شرع حكمه للمصلحة العامة لا لمصلحة فرد معين، فهو من النظام العام الذي يتعلق به حقّ كل فرد من الناس، ولذلك نسب لرب الناس جمعيهم، لعظم خطره وشموله نفعه، وسمى حق الله تعالى لأنه هو المستحق له وحده، فلا يملك أحد من الناس إسقاطه.
ومن حقوق الله تعالى العبادات المحضة، وقد علمنا انه لا يصحّ التوكيل فيها.
ومنها العقوبات الكاملة وهي الحدود، والوكالة فيها:
إما في إثباتها وإما في استيفائها.
فإذا كانت الوكالة في إثباتها فلا تصحّ، لأن مبنى الحدود على الدرء، أي إن الشارع يرجّح فيه جانب الدفع والإسقاط، فيسقطها لأقل شبهةٍ، والتوكيل في إثباتها يخالف ذلك لأنه يوصل إلى إيجابها وتنفيذها.
وإذا كانت في استيفاء الحدود فهي جائزة وصحيحة، لما ثبت أنه صلى الله عليه وسلم وكّل في رجم مَن ثبت زناه، وجلد مَن ثبت شربه المسكر. (انظر البخاري: الوكالة، باب: الوكالة في الحدود).
[الوكالة في حقوق العباد]
حقوق العباد هي كل ما يتعلق بأفرادهم على أنهم أفراد لا جماعة، كالبيع والشراء والزواج والطلاق والشركة والصلح ونحو ذلك.
فمثل هذه الحقوق تصحّ الوكالة فيها باتفاق العلماء، وقد مرّ معنا عند الكلام عن مشروعية الوكالة أدلة ذلك.
ومن هذه الحقوق الخصومة في إثبات هذه الحقوق، والوكالة فيها جائزة أيضاً.