للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولما كان الصلح بين الناس، والسعي في رفع الخصومات من بينهم في طليعة ما يحقّق الأهداف الإسلامية المشار إليها، شرعه الإسلام وحثّ عليه وجعله من الخير - بل هو الخير - الذي تتطلع إليه القلوب، وتهواه النفوس السليمة السامية، التي كانت كبحت جماح الهوى وتغلبت على الشح فيها، وارتقت فوق المطامع والدنِيِّ من الرغبات، فكان في ذلك خير للأُمة في كل زمان ومكان، وكل حادثة وحال.

ونجد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يبيح للمسلم في سبيل الإصلاح أن يقول كلاماً لم يقل، طالماً أنه من شأنه أن يزيل النزاع ويحل بدله الوفاق، فيقول: ((ليس الكذِّابُ الذي يُصْلحُ بينَ الناس، فيَنْمي خيْراً ويقول خيراً)). (البخاري: الصلح، باب: ليس الكاذب الذي يصلح بين الناس، رقم: ٢٥٤٦. مسلم: البرّ والصلة والآداب، باب: تحريم الكذب وبيان المباح منه، رقم: ٢٦٠٥).

[ينمي خيراً: من نمي الحديث إذا رفعه وبلغه ونقله بين المتخاصمين].

[أنواع الصلح]

الصلح في الشرع أنواع، وكلها مشروعه، ومنها:

١ - الصلح بين دولة المسلمين وغيرهم، قال تعالى: (وَإِن جَنَحُواْ لِلسَّلْمِ فَاجْنَحْ لَهَا وَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ) (الأنفال: ٦١). ومن ذلك صلح الحديبية، وأمثله كثيرة في سيرته - صلى الله عليه وسلم -.

٢ - الصلح بين أهل العدل من المسلمين وأهل البغي منهم، قال تعالى: (وَإِن طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا) (الحجرات: ٩).

٣ - الصلح بين الزوجين عند حصول النزاع بينهما، قال تعالى (وَإِنِ امْرَأَةٌ خَافَتْ مِن بَعْلِهَا نُشُوزاً أَوْ إِعْرَاضاً فَلاَ جُنَاْحَ عَلَيْهِمَا أَن يُصْلِحَا بَيْنَهُمَا صُلْحاً) (النساء: ١٢٨).

٤ - الصلح بين المتخاصمين في غير الأمور المالية وليس منهم بغاة، فقد روى سهل بن سعد رضي الله عنه: أن أهل قباء اقتتلوا حتى ترامَوْا بالحجارة، فأخبر

<<  <  ج: ص:  >  >>