الحكمة من طلب أربعة شهداء على ثبوت حد الزني، أن الزني لما كان يقوم بين اثنين: الرجل والمرأة، صار كالشهادة على فعلين، فاحتاج إلي أربعة من الشهود.
وكذلك فإن الزني من أغلظ الفواحش، فغلظت الشهادة فيه ليكون أستر على الناس. وإنما تقبل شهادة الشهود في الزني، إذا قالوا: حانت منا التفاته فرأينا ذلك كاملاً، أو قالوا: إنا تعمدنا النظر لأداء الشهادة.
الضرب الثاني: وهذا يقبل فيه رجلان اثنان، وهو ما سوى الزني من حقوق الله عز وجل، مثل الردة، وقطع الطريق، وقتل النفس، والسرقة، وشرب الخمر.
ودليل ذلك عموم قوله تعالى:{واستشهدوا شهيدين من رجالكم}(سورة البقرة: ٢٨٢). وقوله عز وجل:{وأشهدوا ذوي عدل منكم}(سورة الطلاق: ٢). وقوله - صلى الله عليه وسلم -: " شاهداك أو يمينه ". (رواه مسلم: [١٣٨]).
وقول الزهري:(مضت السنة بأنه لا يجوز شهادة النساء في الحدود).
الضرب الثالث: وهذا يقبل فيه شهادة رجل واحد، وهو هلال رمضان بالنسبة للصوم، وذلك احتياطاً له. إذ الخطأ في فعل العبادة أقل مفسدة من الخطأ في تركها، ولذلك لا يقبل في هلال شوال أقل من شاهدين رجلين.
روي أبو داود [٢٣٤٢] في الصوم، باب: شهادة الواحد على رؤية هلال رمضان، عن أبي عمر رضي الله عنهما، قال: تراءي الناس الهلال، فأخبرت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أني رايته فصامه وأمر الناس بصيامه.
[النوع الثاني: حق العباد]
وهذا النوع أيضاً على ثلاثة أضرب:
الضرب الأول: لا يقبل فيه إلا شهادة رجلين، وهو مالا يقصد منه المال، ويكون مما يطلع عليه الرجال: كالطلاق، والرجعة، والإسلام والردة، والجرح، والتعديل، والوقف والوصية، ونحو ذلك.