القضاء منصب عظيم تدعو إليه الحاجة، وله مكانة عظيمة بين شرائع الإسلام، وهو وظيفة الأنبياء والخلفاء والعلماء، قال الله تبارك وتعالى لنبيه داود عليه السلام:{َا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ فَاحْكُم بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلَا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَن سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ}(ص: ٢٦).
فمن ولي هذا المنصب فعدل وبر كان في ظل الله يوم لا ظل إلا ظله.
وقد ولي هذا المنصب رجال عظام من سلف هذه الأمة، أمثال عمر وعلى ومعاذ وأبي موسى الأشعري، وشريح وأبي يوسف، رضي الله عنهم جمعياً، وضربوا أروع الأمثلة في العدل والورع والعلم والذكاء.
روي أبو داود [٣٥٩٢] في الأقضية، باب: اجتهاد الرأي في القضاء، والترمذي [١٣٢٧] في الأحكام، باب: ما جاء في القاضي كيف يقضي، عن معاذاً إلي اليمن، قال له:" كيف تقضي إذا عرض له قضاءٌ؟ " قال " أقضي بكتاب الله. قال " فإن لم تجد في كتاب الله؟ " قال أقضي بسنة رسول الله - صلى الله عليه وسلم -، قال " فإن لم تجد في سنة رسول الله؟ " قال: أجتهد رأيي، ولا آلُوا قال: فضرب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - صدره، وقال: " الحمد الله الذي وفق رسول رسول الله - صلى الله عليه وسلم - لما يرضي رسول الله ".
[اجتهد رأيي: أبذل طاقتي ووسعي في طلب الحق والتعرف عليه. ولا آلوا: ولا أقصر في طلب الحق والبحث عنه].
[خطورة منصب القضاء]
مع أهمية منصب القضاء، فإنه منصب خطر في نفسه، وفيه مسالك وعرة، ومزالق صعبة، والناجي فيه قليل، والهالك كثير، والمعصوم من عصمة الله تعالي.
روي أبو داود [٣٥٧٣] في الأقضية، باب: في القاضي يخطيء، عن بريدة بن الخصيب رضي الله عنه، أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: " القضاة ثلاثة: واحدٌ في