إذا وقعت الوكالة مستوفية لأركانها وشروطها ثبت للوكيل حق التصرّف فيما وكّل فيه، ولكن ما هي حدود هذا التصرّف؟ هذا ما سنبيِّنه فيما يلي بحسب موضوع الوكالة التي أسندت إليه.
[١ - الوكالة في الخصومة:]
وهي توكيل بالدعوى والمرافعة أمام القضاء وهي المشهور في أيامنا بعمل المحاماة، فإذا وُكِّل المحامي وغيره بالخصومة فهو يملك أن يتصرف بكل ما يتعلق بإثبات الحق لموكِّله أو دفعه عنه إذا كان خصمه يدّعيه.
وهل يملك الإقرار بالحق على موكِّله؟
والجواب: هو أنه لا يملك ذلك، لأنه وكيل في المنازعة والإقرار بخلاف ذلك لأنه مسالمة، فلا يتناوله التوكيل بالخصومة، فلا يملكه الوكيل.
وإذا أثبت الوكيل بالخصومة بالمال الحق لموكِّله وقُضى له به، فهل يملك قبضه؟
والجواب: أنه لا يملك ذلك، لأن الإذن في إثبات الحق ليس إذناً في قبضه، لا من جهة النطق ولا من جهة العُرْف، إذ ليس في العُرْف أن مَن يرضاه لتثبيت الحق يرضاه لقبضه، بل الغالب أن يختار لتثبيت الحق ألدّ الناس خصومة. وأكثرهم حيلة ودهاءً، وقد يكون أقل الناس دِيناً وحياءً، بينما يختار للقبض مَن هو أوفى الناس أمانة وأكثرهم ورعاً، فمَن يصلح للخصومة قد لا يصلح للقبض، وتوكيله بالخصومة لا يدلّ على الرضا به للقبض.