ولا يغنم فيئهم. وروى ابن أبي شيبة ـ مغني المحتاج [٤/ ١٢٧]ـ أن علياً رضي الله عنه أمر مناديه يوم الجمل فنادي: لا يتبع مدبر، ولا يذفف على جريح، ولا يقتل أسير، ومن أغلق بابه فهو آمن، ومن ألقى سلاحه فهو آمن.
نعم يجب حبسه إن لم يذعن للمبايعة والاحتفاظ به، إلى أن تنقضي الحرب ويتفرق جمع البغاة، ليكفى شره، ثم يطلق سراحه بعد أن يأخذ عليه العهد أن لا يعود إلى القتال، فإن خيف من نكثه العهد جاز إبقاؤه في السجن، حتى يغلب على الظن صدقه في العهد.
أما إذا أذعن للطاعة قبل انقضاء الحرب؛ وظهرت علائم الصدق عليه، فيجب المبادرة إلى إطلاق سراحه.
د - لا يجوز امتلاك شيء من أموالهم على وجه الغنيمة، بل ينظر:
فما كان منها آلات حرب فيحتفظ بها إلى أن تضع الحرب أوزارها، ويطمئن الحاكم إلى أنهم لم يعودوا إلى القتال، فتعاد إليهم عند ذاك، فإن بقي الخوف قائماً من عودهم إلى القتال لم تسلم إليهم، وبقيت تحت يد الدولة على وجه الاحتفاظ لا الامتلاك.
وما كان منها أموالاً عادية؛ فيجب إعادته إلى أصحابه عند انقضاء الحرب، وإن خفنا عودهم إلى القتال.
[الآثار المترتبة على قتال البغاة]
١ - إذا بدأ الإمام قتال البغاة بالشروط التي ذكرناها، وبعد المقدمات التي أوضحناها، فمن قتل منهم أثناء المعركة فدمه هدر، لا يتابع قاتله بقصاص ولا دية، لما عرفت من مشروعية هذا القتال ووجوبه.
٢ - إذا انقضت الحرب وقتل جنود الإمام أحد البغاة، فإن كان قد بايع على السمع والطاعة اقتص من القاتل، إلا أن يحلف القاتل أنه ظنه باغياً أي مصراً على العصيان، فيطالب بالدية ويسقط القصاص.
٣ - إذا قتل الأسير أو ذفف الجريح وجبت ديته على القاتل، وسقط القصاص لوجود الشبهة في جواز قتله، وقد مر بك حديث رسول الله - صلى الله عليه وسلم -: "ادرؤوا الحدود ما استطعتم".