أنعم الله عزّ وجلّ على الإنسان بنعم كثيرة، في مقدمتها: نعمة العقل التي ميّزه، بل شرّفه بها على سائر الحيوانات الأخرى، وإنما تستقيم حياة الإنسان في معناها الشخصي، وصورتها الاجتماعية بواسطة العقل، وتكامله وسلطانه.
والمُسكِرات ـ كما قد علمت ـ من شأنها أن تُؤدي بهذه النعمة، وتُفقِد الإنسان الكثير من فوائدها وثمراتها.
فإذا غابت ضوابط العقل، ظهرت من ورائه رعونة النفس، وساد طيش الشهوات والأهواء، فثارت الشحناء والبغضاء، وانتشرت أسباب العداوة بين المسلمين، وتقطعت روابط الأخوة والمحبة بينهم.
أضف إلى ذلك ما في الخمر من صدٍّ عن ذكر الله تعالى، وابتعاد عن أبواب رحمته، ومواطن فضله وإحسانه.
وإلى هذا وذاك يشير قول الله عزّ وجلّ في كتابه العزيز:[إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاء فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَن ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصَّلاَةِ فَهَلْ أَنتُم مُّنتَهُونَ](المائدة: ٩١).
وهذا ما أكده رسول الله - صلى الله عليه وسلم - حين قال:" اجتنبوا الخمر، فإنها مفتاح كل شر". أخرجه الحاكم في المستدرك [كتاب الأشربة ـ باب ـ اجتنبوا الخمر، ٤/ ١٤٥].
وروى النسائي في [الأشربة ـ باب ـ ذكر الآثام المتولدة عن شرب الخمر، ٨/ ٣١٥] عن عثمان - رضي الله عنه - موقوفاً:" اجتنبوا الخمر، فإنها أمّ الخبائث". أي أصل كل شر، ومنبع كل فساد.
فتلك هي بعض الحكم من تحريم وسائر أنواع المُسكِرات.