سلمت اليك هذا الشجر لتتعهده بكذا، او اعمل على هذا الشجر بكذا، ونحو ذلك من الألفاظ التي يتعارفها الناس في هذا التعاقد، فإذا قبل العامل بلفظ يدل على رضاه بما اوجبه المالك صحت المساقاة.
ولا تنعقد بلفظ الإجارة على الأصح، فلو قال: استأجرتك لتقوم بتعهدها بكذا من ثمرتها، لم تنعقد مساقاة، لأن لفظ الإجارة صريح في عقد آخر، ولم تنعقد إجارة لجهالة الأجرة في هذه الحالة.
ولا بد لصحة الانعقاد من القبول على ما ذكرنا، وان يكون لفظا متصلا بالإيجاب عرفا، وتقوم الإشارة والكتابة من الأخرس مقام اللفظ.
٤ - موردها:
أي ما ترد عليه صيغة المساقاة، وما يصح ان يحصل التعاقد على اصلاحه وتعهده من الشجر، وهو شجر النخيل والعنب.
وذلك لأن النص قد ورد في النخيل صراحة، فقد جاء في رواية من حديث ابن عمر رضى الله عنهما:"دفع الى اهل خيبر نخلها وارضها .. ".
وقيس شجر العنب على النخيل لأنه في معناه، لأن ثمر كل منهما تجب فيه الزكاة باتفاق الفقهاء، ويتأتي فيه الخرص - أي تقدير ما يكون في رطبه من يابس - ولكل منهما رطب ويابس يدخر ويقتات به، فالنخيل يؤكل ثمره رُطبا ويصير تمرا، وشجر العنب يؤكل ثمره عنبا كما يصبح زبيبا.
واختار بعض أئمة المذهب ومرجحيه صحة ورودها على جميع الاشجار المثمرة، قياسا على النخيل والعنب، ولعموم قوله "من ثمر .. ".
ولعل هذا الذي اختاره هو الأرجح والأوفق لحكمة التشريع، من رعاية المصالح والتيسير على الناس، ولاسيما في هذه الأزمان التي كثر فيها تنوع الاشجار المثمرة، فصارت الحاجة ملحة لصحة المساقاة في كل شجر، ولعل سبب ورود النص على النخيل انه كان الأكثر والغالب في بلاد العرب ولاسيما الحجاز، وخصوصا خيبر، يدل على هذا اختلاف روايات الحديث، وان الأكثر منها لم يذكر فيه النخيل، والله تعالى اعلم.