ودليل ذلك: ما رواه عبدالله بن أبي أوفى رضي الله عنه قال: إنّا كنّا نُسْلف على عهد رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما في الحنطة والشعير والزبيب والتَّمْر (أخرجه البخاري في المسلم، باب: السلم إلى مَن ليس عنده أصل، رقم: ٢١٢٨).
وهذه الأصناف كلها مما يمكن ضبطه.
وعن ابن عباس رضي الله عنهما أنه قال في السلم في الكرابيس: إذا كان ذَرْعاً معلوماً إلى أجلِ معلوم فلا بَأْسَ.
والكرابيس: ثياب تتخذ من القطن الأبيض، فهي مما يضبط بالوصف
وعن أبي النضر رضي الله عنه قال: سئل عمر رضي الله عنه عن السلم في السّرَق، قال: لا بأس. والسّرَقة: الشقة من الحرير، وهو مما يمكن ضبطه.
ويقاس على هذه الأشياء المذكورة غيرها مما لم يذكر، سواء أكان موجوداً قديماً أم وجد الآن أو يوجد في المستقبل، طالما أنه في معناها، أي مما يمكن ضبطه بالوصف، ولو لم يكن مثلياً.
فإذا كان لا يمكن ضبطه بالوصف فلا يجوز السلم فيه ولا يصح، لأنه عقد على ما فيه جهالة فاحشة تؤدي إلى النزاع. ويذكر الفقهاء هنا أمثلة كالجلود، فإنها تختلف رقّة وثخونة، وتلك أغراض مقصودة. وكالجواهر النفيسة، فإن قيمتها تختلف باختلاف صفائها، وذلك مما لا يمكن ضبطه. ويلحق بهذا في أيامنا كل ما كان في معناه لدى التجار.
ويدخل في مالا ينضبط ولا يصح السلم فيه: كل ما أثَّرت فيه النار شيّاً أو قلياً أو طبخاً، لأن تأثير النار فيه مختلف، فلا يمكن ضبطه.
أما ما أثرت فيه النار للتمييز، كالسمن ليميز منه اللبن، والعسل ليميز منه الشمع، فإنه يصح السلم فيه، لضعف تأثير النار فيه في هذه الحالة.
ب - أن يكون معلوم الجنس والنوع والقدر والصفة للمتعاقدين، أما الجنس كأن يكون قمحاً أو شعيراً. والنوع كأن يكون بلدياً أو جلباً (أي مستورداً من بلد معين). والقدر كألف صاع إن كان مكيلاً، أو بالوزن كان موزوناً، أو بالعدد