ويشترط في الواهب: أن يكون مالكاً للموهوب، وأن يكون أهلاً للتبرع، مطلق التصرف في ماله، فلا تصحّ هبة ما لا يملكه، كما لا تصح هبة الصغير والمجنون، لأنها ليسا أهلاً للتبرع ولا يملكانه، لأنه ضرر محض. ولهذا لا يملك وليُّهما أيضاً هبه شيء من مالهما، لأنهما تبرع لا يقابله نفع دنيوي، فهي لذلك ضرر محض لا يملكه الولي، لأن ولايته قاصرة على وجوه النفع لمن تحت ولايته.
وكذلك لا تصحّ الهبة من المحجور عليه في ماله، لسفه أو فلس.
ويشترط في الموهوب له: أن يكون أهلاً لتملك ما وهب له، فتصح الهبة لكل إنسان مولود، وغير المكلف - كالصبي والمجنون - يقبل عنه وليّه. ولا تصح الهبة للحمل لأنه لا يملك ملكاً اختيارياً.
٢"- الصيغة: وهي الإيجاب والقبول:
فمن الإيجاب أن يقول: وهبتك، ونحلتك، وملّكتك بلا ثمن، وأعطيتك. وكذلك: أطعمتك هذا الطعام، وجعلت هذا الثواب لك.
فهذه ألفاظ بعضها صريح في الهبة لاستعمالها فيها، وبعضها يجري مجري الصريح لدلالته على التمليك في الحال بلا عوض، وهو معنى الهبة. فهذه الألفاظ لا تحتاج إلى نيّة، ولو ادّعى قائلها وعدم إرادة الهبة به فلا يُصدق بدعواه.
وهناك ألفاظ في الإيجاب ليست صريحة في الهبة ولا تجري مجرى الصريح فيها، وفتحتاج إلى نيّة مثل قوله كسوتك هذا الثوب، وحملتك على هذه الدابة، فمثل هذه الألفاظ كناية في الهبة، فإن نواها انعقدت بها، وإن قال: لم أرد بها الهبة صدق في ذلك وكانت عارية وإنها تحتمل العارية وتصلح لها، كما تحتمل الهبة.
ولو قال: منحتك هذا الشيء، أو هذا الشيء لك منحه، فهو هبة، لأن هذا اللفظ مستعمل في الهبة صراحة.