قال النووي رحمه الله تعالى في شرح صحيح مسلم:(المراد به إعلامهم أن العمري هبة صحيحة ماضية، يملكها الموهوب له ملكاً تاماً لا يعود إلى الواهب أبدأ، فإذا علموا ذلك: فمن شاء أعمر ودخل على بصيرة، ومن شاء ترك لأنهم كانوا يتوهمون أنها كالعارية ويرجع فيها).
٢ - الرقبي:
وهي أن يقول الواهب لغيرة: داري لك رقبي، أو: أرقبتك هذه الدار، أو: جعلتها رقبي. ومعناها: إن متَّ قبلي عادت إليّ، وإن مت قبلك استقرت لك. فهي مأخوذة من الرقوب والترقب وهو الانتظار، لأن كل واحد منهما يرقب موت صاحبه وينتظره. وهذه الصيغة أيضاً من صيغ الهبة المعتبرة شرعاً، رغم تقييدها بشرط فهي هبة صحيحة، والشرط لاغٍ، لورود السنّة بصحتها كالعمري.
روى جابر رضي الله عنه، عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:((العُمْرَي جائزةّ لأهْلها والرُّقْبي جائزة لأهلها)): أي نافذة وماضية. (أخرجه الترمذي في الأحكام، باب: ما جاء في الرقبي، رقم: ١٣٥١، وقال: هذا حديث حسن. وأبو داود في البيوع، باب الرقبي، رقم: ٣٥٥٨. وإبن ماجه في الهبات، باب: الرقبي، رقم: ٢٣٨٣).
وهذا استثناء أيضاً من بطلان الهبة المقيدة بشرط كما علمت.
جاء في ((مغني المحتاج)): قال السبكي: وصحة العمرى والرقبي بعيد عن القياس، لكن الحديث مقدَّم على كل أصل وكل قياس.
٣"- الموهوب:
الركن الثالث من أركان الهبة محل العقد وهو الموهوب، والقاعدة في هذا أن ما جاز بيعه جازت هبته، ومنها تستخرج شروط الموهوب، وهي:
أأن يكون موجوداً وقت الهبة: فلا تصح هبة ما كان مفقوداً حال العقد، لأن مقتضي الهبة التمليك للحال , وتملك المعدوم على هذا مُحال، فتبطل الهبة.
ومثاله: ما لو وهبة ما ستثمر نخيله هذه العام، أو ما ستلد أغنامه هذه السنة.
ومثل المفقود حقيقة المفقود حكماً، كما لو وهبه ما في بطن هذه الشاة