نيّة. فتصحّ الإجارة علي الحج عن العاجز والميت، وكذلك الصوم عن الميت، ولذبح أُضحية، ونحر هدي، وتفرقة زكاة. لأن هذه العبادات ثبت في الشرع النيابة فيها عن غير المكلّف بها أصلاً
وأما القرب والعبادات التي لا تحتاج إلي نيّة كفروض الكفالة:
ـ فإذا كانت شائعة في الأصل ـ أي أن كل مسلم مخاطب بها، ولكنها إذا فعلها بعض المسلمين سقطت عن الباقين ـ كالجهاد، فلا يصحّ الاستئجار عليها، لأن المسلم الذي أجّر نفسه للجهاد إذا حضر المعركة تعيّن عليه الجهاد، فيقع جهاده عن نفسه لا عمّن استأجره، فلا تعود المنفعة علي المستأجر، وإنما تعود علي المؤجر، فلا تصحّ الإجارة.
ـ وإن لم تكن شائعة في الأصل صحت الإجارة عليها، كتجهيز الميت من غسل وتكفين ودفن، فإنه يختص في الأصل بتركته، فإن لم تكن تركة فبمَن تجب عليه نفقته، فإن لم يكن، وجب علي أغنَياء المسلمين القيام به.
وكذلك تعليم القرآن أو بعضه، لأن الأصل في التعليم أنه يختص بمال المتعلم أو مَن تلزمه نفقته. وقد ثبت أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:" إن أحقَّ ما أخذتم عليه أجراً كتابُ الله ". (أخرجه البخاري في الطب، باب: الشرط في الرقية بقطيع من الغنم، عن ابن عباس رضي الله عنهما رقم: ٥٤٠٥).
ومثل القرآن تعليم مسائل العلم والقضاء ونحو ذلك من فروض الكفاية، التي لا يقصد في الأصل كل مكلّف، فإذا استؤجر عليها وقام بها لم تقع عنه، لأنه غير مقصود بفعله، فلا تعود منفعته عليه.
وكذلك الشعائر غير الواجبة كالأذان، فإنه تصح الإجارة عليه.
د ـ الشرط الرابع: أن لا يكون في المنفعة استيفاء عين قصداً: فلا تصحّ إجارة البستان لاستيفاء ثمرته، ولا الشاة لاستيفاء صوفها أو لبنها أو نتَاجها، لأن الأصل في عقد الإجارة تمليك المنافع، فلا تملك الأعيان بعقدها قصداً. ولأن هذا في الحقيقة استهلاك لا انتفاع، وموضوع الإجارة في الأصل الانتفاع لا الاستهلاك.