وعليه: يشترط لصحة إجازة الدار إذا كانت في محلة ينتفع الناس فيها بالدور بالسكني وغيرها، أن يبيِّن نوع المنفعة من سكني أو تجارة أو صناعة، كما ذكرنا، وأن يبيّن نوع التجارة أو الصناعة كذلك.
وكذلك يشترط لصحة الإجارة علي عمل: أن يبيّن نوع العمل الذي سيقوم به الأجير.
- العلم بقدر المنفعة: ويختلف تقدير المنفعة باختلاف نوعها: فمنها ما يُقدَّر بالزمن، ومنها ما يقدر بالعمل، ومنها ما يصحّ فيه الأمران.
أـ فما تقدر فيه المنافع بالزمن: هو كل منفعة لا يمكن ضبطها بغيره وتقلّ وتكثر، أو تطول وتقصر، كإجارة الدور للسكني، فإن سكني الدار تطول وتقصر، وكالإجارة للإرضاع، فإن ما يشربه الرضيع من اللبن يقلّ ويكثر، وكالإجارة لتطيين جدار، فإن التطيين لا ينضبط رقّة وسماكة.
فمثل هذه المنافع لا يمكن تقديرها بغير الزمن، لأن تحصيلها لا ينضبط بغير ذلك. ولهذا جاء علي لسان شعيب عليه السلام:(عَلَى أَن تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ) فقد قدّر منفعة استئجار موسي عليه السلام بالزمن، وإنما استأجره للرعي ونحوه، والرعي من هذا النوع من المنافع.
ما تجوز عليه الإجارة من الزمن:
وإذا قدرت المنفعة بالزمن وجب أن يكون مدة معلومة، تبقي فيها العين المؤجرة غالباً، ليتمكن المستأجر من استيفاء المنفعة المعقود عليها.
والمرجع في معرفة المدة التي تبقي فيها كل عين غالباً إنما هو العرف وأهل الخبرة. ويختلف ذلك من عين إلي عين:
ـ فالأرض ـ مثلاً ـ تصح إجارتها مائة سنة أو أكثر.
ـ والدار: تصح إجارتها ثلاثين سنة.
ـ والدابة: تصح إجارتها عشر سنين.
وهكذا كل شيء علي ما يليق به، ويقدر أهل الخبرة أنه يبقي هذه المدة.