للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣. استعمال الوديعة والانتفاع بها: بأيّ وجه من وجوه الاستعمال والانتفاع، فيضمنها إذا تلفت ولو بعد ترك الاستعمال والانتفاع، لأنه تعدّى باستعماله ملْك غيره بغير إذنه، وبالتعدّي ارتفع الحكم الأصلي للوديعة وهو كونها أمانة في يده، فلا يعود الا بتجديد للعقد، فإذا تلفت قبل تجديد العقد كانت مضمونة عليه.

٤. السفر بالوديعة: اذا طرأ للوديع سفر من بلد الإيداع فليس له أن يسافر بالوديعة، لأن واجبه حفظها في الحرز والسفر ليس من مواضعه، فيجب عليه - في هذه الحالة - ردّها على مالكها أو وكيله إن كان غائباً، فإن كانا غائبَيْن وجب عليه ان يدفعها الى الحاكم ان كان يؤتمن عليها، والا دفعها الى أمين يحفظها.

فإن سافر بها مع وجود مَن يمكن دفعها اليه ممّن ذُكر كان ضامناً لها، وإن لم يجد احدا منهم كان معذوراً أن يسافر بها، لأن السفر بها أحوط في حفظها من تركها عند مَن لا يؤتمن عليها.

وهذا الذي ذكر في حق مَن طرأ له السفر هو حكم مَن مرض مرضاً يخاف منه الموت، ومن حَضَرَتْهٌ أسباب الوفاة، فإن لم يجد مَن يدفعها إليه أوصى بها، وإلا كان ضامناً لها إذا تلفت بعد الموت لأنه يعرّضها للفوات على مالكها بترك ما ذكر، إذ قد يدّعي الوارث أنها ملك مورِّثه، اعتماداً على الظاهر، لأنها تحت يده وفي حَوْزته.

٥. انكار الوديعة بغير عذر: فإذا طلب المودع الوديعة، فأنكر الوديع أن له وديعة عنده، ثم تلفت، فإنه يضمنها حتى ولو عاد فاعترف بها بعد الإنكار، لأنه بإنكاره صار غاصباً لها، ويد الغاصب يد ضمان، وقد ارتفع عقد الوديعة بالإنكار، فلا يعود الا بالتجديد.

فإن كان له عذر بالإنكار فإنه لا يرتفع به عقد الوديعة، وتبقى امانة في يده، فإذا تلفت لا يضمنها، وذلك كما إذا أجبر المالك على طلبها غاصب او ظالم، وعلم الوديع أنه إن اعترف بها استردّها الملك وانتزعها منه غير المحق

<<  <  ج: ص:  >  >>