ويُستأنس لهذا أيضاً بقوله تعالى:"فأبعثوا أحَدَكُم بِوَرِقِكُم هذه إلى المدينة فلينظر أيُّها أزكى طعاماً فليأتِكُمْ برزقٍ منه""الكهف: ١٩": فبعثُ واحد من الجماعة توكيل له منهم.
[بِورِقِكم: هي الفضة المصكوكة. أزكى: أطيب وأمتع. برزق: بطعام ونحوه].
وكذلك قوله تعالى:"اذهبوا بقميصي هذا فألقوه على وجه ابي يأت بصيرا"(يوسف: ٩٣) فقد وكلهم بالذهاب بالقميص والقائه على وجه ابيه.
وقلنا: يستأنس بهاتين الآيتين لأنهما واردتان في القرآن حكاية عن شرع من قبلنا، وقد تكرر منا القول: ان شرع من قبلنا ليس بشرع لنا.
وأما السنّة: فأحاديث كثيرة، منها:
ما رواه أصحاب السِّيَر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم وكّل عمرو بن أُمية الضمري رضى الله عنه في قبول نكاح أم حبيبة رملة بنت أبي سفيان رضى الله عنهما.
ما رواه رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم تزوج ميمونة حلالاً، وبنى بها حلالا، وكنت السفير بينهما. (اخرجه الترمذي في ابواب الحج، باب: ما جاء في كراهية تزويج المحرم، رقم: ٨٤١).
[حللاً: أي غير محرم بحج أو عمرة، بنى بها: أي دخل. السفير: هو الذي يقوم بالاصلاح وتحقيق الوفاق بين اثنين ونحوهما].
وما رواه عروة البارقي رضى الله عنه قال: دفع إلىَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم ديناراً لأشتري له شاة، فاشتريت له شاتين، فبعت إحداهما بدينار، وجئت بالشاة والدينار الى النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ما كان من أمره، فقال له:"بارك الله لك في صفقة يمينك". (أخرجه البخاري في المناقب، باب: سؤال المشركين ان يُريهم النبي صلى الله عليه وسلم آية .. ، رقم: ٣٤٤٣. والترمذي في أبواب البيوع، باب: حدثنا ابو كريب، رقم: ١٢٥٨).
وسيأي مزيد من الأحاديث خلال البحث.
وهذا الذي دلتّ عليه الآيات والأحاديث هو موضع إجماع علماء الأمة في كل عصر من العصور.