وإن لم يكن في التعيين غرض صحيح، كأن يكون الثمن فيه وفي غيره واحداً، فالراجح أن له البيع فيه وفي غيره، لأن مقصوده يتحقق في أيّ مكان، فكان الإذن بالبيع بمكان إذناً بالبيع في غيره.
? وإن قيده بثمن، كأن قال له: بِعْ بمائة مثلاً، فليس له أن يبيع بأقل منها، ولو كان ثمن المثل أو كان النقص قليلاً، لأنه مخالف للإذن.
والأصح أنَ له أن يبيع بأكثر منها، لأن المفهوم من ذلك عُرْفاً هو عدم النقص، بل لا يجوز له أن يبيع بالمائة إن وجد مَن يرغب شراءه بأكثر منها، لانه مأمور بالأنفع للموكِّل، حتى لو وجد الراغب بالزيادة زمن الخيار لزمه الفسخ، وإذا لم يفسخه هو انفسخ بنفسه.
فإذا صرّح له بالمنع من البيع بزيادة عمّا قيده به، كأن قال له: بِعْه بمائة، ولا تَبعْ بأكثر من ذلك، لم يصحّ بيعه بزيادة، لأنه لا عبرة للدلالة مع التصريح، فقد أبطل النطق دلالة العُرْف.
- البيع لمن يتهم فيه بالمحاباة:
الوكيل بالبيع لا يصحّ أن يشتري الموكَّل ببيعه لنفسه كما لا يصحّ أن يشتريه لولده الصغير ولا لكل مَن هو في حَجْره وتحت ولايته، لأن العُرْف في مثل هذا أن يبيع الوكيل لغيره، لا لنفسه، وبيعه لولده الصغير ومن في حجره كبيعه لنفسه، فلم يصحّ ذلك كله، حتى ولو أذن له فيه الموكَّل، لتعارض أغراض البائع والمشتري، فالمشتري يرغب السلعة بأرخص الأثمان، ووكيل البائع عليه ان يحصل لموكله اغلاها واعلاها، وهنا المشتري والبائع واحد، فلا تتحقق اغراض البيع.
واما غير هؤلاء - ممّن يتهم في محاباتهم من ذوي قرباه - فلا مانع من بيعهم، فيبيع لزوجته واخوته ونحوهم، لأن العاقد ليس واحدا، فالأغراض غير متنافية.
والاصح انه يبيع لأبيه وسائر أصوله، كما أنه يبيع لابنه البالغ وسائر فروعه المستقلِّين عنه، طالما أنه يبيعهم بالثمن الذي لو باع به لأجنبي لصحّ، فتنتفي التهمة ويصحّ البيع، كما لو باع لصديق له، ليس بينه وبينه قرابة.