بصفع وجهه إن لم يتلف ماله، وكان صفع الوجه بالنسبة إليه أقل خطراً من إتلاف المال، فلا يُعدّ هذا إكراهاً.
أما لو هدده بالقتل إن لم يقطع يده، فإن هذا إكراه، لأن القتل المهدد به أشد خطراً مما أُكره عليه وهو قطع اليد، فله أن يختار الأهون، وقد ثبت عن عائشة رضى الله عنها قالت:"ما خُيَّر رسول الله صلى الله عليه وسلم بين أمرين أحدهما أيسر من الآخر إلا اختار أيسرهما"(البخاري في المناقب، باب: صفة النبي صلى الله عليه وسلم. ومسلم في الفضائل، باب: مباعدته صلى الله عليه وسلم للآثام واختياره من المباح أسهله).
٦ - أن يترتب على فعل المكرَه به الخلاص من المهدد به:
فلو قال انسان لآخر: اقتل نفسك وإلا قتلتك، لا يُعد هذا إكراهاً، لأنه لا يترتب على قتل النفس الخلاص مما هدِّد به.
وكذلك لو هدَّد بقطع يده ما لم يقطعها بنفسه.
فلا يصحّ للمستكرَه أن يقدم على ما أُكره عليه لأنه لا يسمى مكرَهاً حقيقة، لأن المكره حقيقة هو ما ينجو مما هدَّد به بالإقدام على ما طُلب منه. بل هو اذا قتل نفسه او قطع يده كان الخطر متيقِّناً، لأنه يفعله بنفسه. ولو لم يُقدم على ذلك لم يكن متيقِّناً مما هدِّد به، فربما كان الكره يخوِّفه بما لا يحقّقه.
٧ - أن يكون المهدَّد به عاجلاً: فلو كان آجلاً لم يتحقق الإكراه، لأن التأجيل مظنة التخلّص مما هدِّد به بالاستغاثة والاحتماء بالسلطان، وما إلى ذلك.
٨ - أن لا يخالف المستكرَه المكره بفعل غير ما أُكره عليه، أو بالزيادة عليه أو النقصان، لأنه في هذه الأحوال الثلاثة يكون طائعاً فيما أتى به، فلا يكون مكرهاً.
فلو أكره إنسان شخصاً على طلاق امرأته، فباع داره، أو أكرهه على طلقة واحدة رجعية فطلّقها ثلاثاً، أو أكرهه على طلاق امرأته ثلاثاً، فطلّقها