ويشترط في حال الإمساك هذه أن يكون القاتل مكلفاً، أما إذا كان القاتل صبياً أو مجنوناً فإن القصاص على الممسك، وكذلك إذا عرضه لسبع ضار، ومثل ذلك لو ألقاه في ماء مغرق كلجة بحر، فالتقمه حوت، سواء أكان الا لتقام قبل الوصول إلى الماء أو بعده، فالقصاص على الملقي. أما ألقاه في ماء غير مغرق فالتقمه حوت، فلا قصاص في هذه الحالة، لكن تجب عليه في هذه الحالة دية شبه العمد.
النوع الثالث: أن يتساوى السبب والمباشرة، كأن أكره إنساناً على قتل آخر، وجب القصاص عليهما، أما وجوب القصاص على المكره فلأنه أهلكه بما يقصد به الإهلاك غالباً، فأشبه ما لو رماه بسهم فقتله، وأما وجوب القصاص على المكره لأنه قتله عمداً عدواناً لاستبقاء نفسه.
هذا ولا فرق بين أن يكون المكره هو الإمام أو غيره.
أما لو أمره بقتل نفسه بأن قال له: اقتل نفسك وإلا قتلتك، فقتل نفسه لم يجب القصاص في هذه الحالة، لأن هذا لا يعد إكراهاً حقيقة، لاتحاد المأمور به والمخوف منه، فصار كأنه مختار له. أما لو خوفه بشيء أشد من القتل كالإحراق بالنار مثلاً فهو إكراه يجب فيه القصاص على المكره.
وكذلك إذا قال له اقتلني وإلا قتلتك فلا قصاص إذا قتله، لأن الإكراه شبهة يدرأ بها الحد.
هذا ولو أمر السلطان شخصاً بقتل آخر بغير حق، والمأمور لا يعلم ظلم السلطان ولا خطأه وجب القود أو الدية والكفارة على السلطان، ولا شيء على المأمور، لأنه آلته ولا بد منه في السياسة، فلو ضمناه لم يتول تنفيذ الحد أحد، ولأن الظاهر أن الإمام لا يأمر إلا بالحق، ولأن طاعته واجبة فيما لا يعلم أنه معصيته، وليس للمأمور أن يكفر لمباشرة القتل.
وإن علم بظلمه أو خطئه وجب القود على المأمور، إن لم يخف قهر السلطان بالبطش بما يحصل به الإكراه، لأنه لا يجوز طاعته حينئذ لقوله عليه الصلاة والسلام:"لا طاعة في معصية الله، إنما الطاعة في المعروف" (رواه