هو كونهم خصوماً للإسلام قبل كل شيء، فلا يريدون أن يحكموا عقولهم في حقيقة هذه الحدود، وأسبابها وأهدافها ونتائجها، ودوافعها وشروطها، إذ إن من المعلوم بداهة أن الخصم حينما يمارس خصومته؛ إنما ينطلق من دافع أنه خصم، قبل أن ينظر فيما يقتضيه المنطق والحق والتفكير السليم، وإلا لم يكن اسمه خصماً.
وهذه الحقيقة تجعل النقاش مع أمثال هؤلاء الناس في جزئية من جزئيات الإسلام الذي هم خصومه ـ كجزئية الحدود مثلاً ـ سعياً عابثاً لا طائل من ورائه، ولا يؤدي إلى النتيجة المطلوبة.
ولكننا إذا ناقشنا وبحثنا في أمثال ذلك، فلكي لا يعلق شيء من انتقاداتهم الفكرية المصطنعة في عقول وأذهان المسلمين الصادقين في إسلامهم، ممن يعوزهم التعمق في فهم الإسلام وسبر حكمه وأهدافه.
ثانيا: إن المنهج المنطقي الذي نسير على أساسه في تقبل هذه الأحكام والإيمان بها، والتعيين بأنها الدواء الذي لا بديل له للمجتمع؛ هو إيماننا بأن القرآن الكريم الذي تضمن هذه الأحكام وغيرها؛ إنما هو كلام الله المنزل على نبيه محمد - صلى الله عليه وسلم - وحياً، وإذا كان إيماننا بالله وكتابه حقيقة مفروغاً منها؛ فلا سبيل إلى تسرب أي شك أو وسواس في روعة هذه الأحكام ودقة فائدتها وضرورة التشبث بها.
ومحال أن يتشكك في شيء من هذه الأحكام إلا من تشكك قبل ذلك بالله عز وجل، وبأ، هذا القرآن كلامه، وبأن محمداً - صلى الله عليه وسلم - نبيه، وإنما يناقش هذا الإنسان في الأصل الذي تفرع عنه هذا الشك، لا في الفرع الصغير الذي هو ثمرة الكفر الكبير.
ثالثاً: نتجاوز ما يقوله علماء النفس عن خطورة السرقة واليد التي تعتاد عليها، ومن أن مثل هذه الجرائم تنقلب في كيان أصحابها إلى أمراض متأصلة، لا يجدي في علاجها شيء من العقوبات التقليدية المألوفة، ونتجاوز الحديث عن خطورة الزنى وسوء عاقبته في المجتمع من كل الجوانب، ولا سيما إصابته بمرض