للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ركبة البعير وما مس الأرض من كركرته ـ ووجوههم مقلبة من آثار السجود، قال: فدخلت فقالوا: مرحباً بك يا ابن عباس، ما جاء بك؟ قال؟ جئت أحدثكم، على أصحاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - نزل الوحي، وهم أعلم بتأويله، فقال بعضهم: لا تحدثوه، وقال بعضهم: لنحدثنه. قال: فقلت أخبروني ما تنقمون على ابن عم رسول الله - صلى الله عليه وسلم - وختنه وأول ممن آمن به، وأصحاب رسول الله معه؟ قالوا: أولاهن أنه حكم الرجال في دين الله، وقد قال الله عز وجل: {إن الحكم إلا الله} (سورة الأنعام: ٥٧)، قال: قلت: وماذا؟ قالوا: قاتل ولم يسب ولم يغنم، لئن كانوا كفاراً لقد حلت له أموالهم، وإن كانوا مؤمنين لقد حرمت عليه دماؤهم، قال: قلت: ثم ماذا؟ قالوا: ومحا نفسه من أمير المؤمنين فإن لم يكن أمير المؤمنين فهو أمير الكافرين.

قال: قلت أرأيتم إن قرأت عليكم من كتاب الله المحكم، وحدثتكم من سنة نبيكم - صلى الله عليه وسلم - ما لا تنكرون أترجعون؟ قالوا: نعم، قال: قلت أما قولكم إنه حكم الرجال في دين الله فإنه يقولك {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَقْتُلُواْ الصَّيْدَ وَأَنتُمْ حُرُمٌ وَمَن قَتَلَهُ مِنكُم مُّتَعَمِّداً فَجَزَاء مِّثْلُ مَا قَتَلَ مِنَ النَّعَمِ يَحْكُمُ بِهِ ذَوَا عَدْلٍ مِّنكُمْ} ... (سورة المائدة: ٩٥). وقال في المرأة وزوجها: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا} (سورة النساء: ٣٥). أنشدكم الله أفحكم الرجال في حقن دمائهم وأنفسهم وصلاح ذات بينهم أحق، أم في أرنب ثمنها ربع درهم؟ فقالوا: اللهم في حقن دمائهم وصلاح ذات بينهم، فقال: أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: وأما قولكم إنه قاتل ولم يسب ولم يغنم، أتسبون أمكم ثم تستحلون منها ما تستحلون من غيرها؟ فقد كفرتم، وإن زعمتم أنها ليست بأمكم فقد كفرتم وخرجتم من الإسلام، أن الله عز وجل يقول: {النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنفُسِهِمْ وَأَزْوَاجُهُ أُمَّهَاتُهُمْ} (سورة الأحزاب: ٦)، فأنتم تترددون بين ضلالتين، فاختاروا أيتهما شئتم، أخرجت من هذه؟ قالوا: اللهم نعم.

قال: وأما قولكم محا نفسه من أمير المؤمنين؛ فإن، رسول الله - صلى الله عليه وسلم - دعا قريشاً يوم الحديبية على أن يكتب بينه وبينهم كتاباً، فقال: اكتب هذا ما

<<  <  ج: ص:  >  >>