عن شهواتها المباحة، وحبسها على طاعة مولاها، والتفرغ لعبادته، كي ترتاض بحب الله تعالى، وإيثار رضاه على ترك ما هو محرم من شهواتها، وضار من أهوائها. والنفس أمارة بالسوء، تواقة إلى المعاصي.
قال الله تعالى:(إِنَّ النَّفْسَ لأَمَّارَةٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ رَبِّيَ إِنَّ رَبِّي) يوسف: ٥٣.
ومخامرة الدنيا يزيد من إقبالها عليها، وطلبها تلك الخلوات على حب الله تعالى والكف عن محارمه.
فمن ثم شرع الاعتكاف ليكون سبباً لجمع الخاطر، وتصفية القلب، وتربية النفس على الزهد بالشهوات المباحة، والتعاطي بها عن المخالفات والآثام.
حكم الاعتكاف:
الاعتكاف سنة في كل وقت، وهو في شهر رمضان أشد استحباباً، وفي العشر الأخيرة منه آكد، إلا أن ينذره على نفسه فيصبح واجباً. وبناء على ذلك، فإن الاعتكاف قد تكون له ثلاثة أحكام:
الأول: الاستحباب، وذلك في مطلق الازمنة.
الثاني: السنة المؤكدة، وذلك في العشر الأخير من رمضان.
وحكمة تأكده في العشر الأخير من رمضان إنما هي طلب ليلة القدر. فإنها أفضل ليالي السنة، قال تعالى:(لَيْلَةُ الْقَدْرِ خَيْرٌ مِّنْ أَلْفِ شَهْرٍ) أي خير من العمل في ألف شهر ليس فيها ليلة القدر.