للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتتجلى صور المصطفي هو يقبل الحجر الأسود، ويطعن الأصنام لتهوي على رؤوسها مستخذية مهينة. وعند الصفا والمروة يتذكر المسلم هاجر عليها السلام وهي تسعى بينهما تطلب الماء لولدها إسماعيل. وفي منى عند الجمرات يستشعر مواقف إبراهيم وهو يعارض الشيطان ويخالف أوامره، ويرجمه بالحصباء ويقبل على امتثال أمر ربه، وينفذ ما أوحاه إليه في رؤياه من ذبح ابنه. وفي عرفات تثور في ضمير المؤمن بواعث التطلع إلى رحمة الله والأمل في مغفرته، ولا يغيب عن بصيرته ذلك الموقف الرائع الذي وقفه رسول الله في حجة الوداع وهو على ناقته يعظ المسلمين ويخطبم ويقرر لهم مبادئ الحياة الرائعة والمساواة العادلة والأخوة الصادقة، ويحذرهم من العودة إلى مساوئ الجاهلية: " أيها الناس إن ربكم واحد، كلكم لآدم وآدم من تراب، لا فضل لعربي على أعجمي إلا بالتقوى، ألا لا تعودوا بعدي كفاراً يضرب بعضكم رقاب بعض ".

سادساً: أضف إلى كل ذلك ما يناله فقراء تلك البلاد في ذلك الموسم المبارك من الرزق الذي يغني فقيرهم السنة كلها، تحقيقاً لدعوة إبراهيم عليه السلام حيث قال: (رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ)

سابعاً: والحج تربية للجسم على الخشونة وتحمل المشاق والصبر على المكاره.

وتربية للخلق على التواضع والتسامح وحسن المعاشرة وطيب الملاطفة.

وتربية للنفس على البذل والتضحية والصدقة والإحسان.

وتربية للضمير على الطهارة والرقابة لله سبحانه، قال تعالى في سورة البقرة: ١٩٧:

{الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ فَمَن فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ

<<  <  ج: ص:  >  >>