فأما إذا أكلت منه بعد أن وضعته بين يديه، وانصرفت عنه، فلا بأس بذلك.
الشرط الرابع:
أن يتكرّر ذلك منها:(أي هذه الشروط الثلاثة) مرّتين فأكثر، بحيث يغلب على الظن تعوّدها، وتعلمها ذلك.
والعبرة في كونها قد اعتادت ذلك، وتعلمته بظن أهل الخبرة في الصيد والجوارح.
والأصل في اعتبار هذه الشروط لحلّ الصيد بهذه الجوارح هو قول الله عزّ وجلّ:[قُلْ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ وَمَا عَلَّمْتُم مِّنَ الْجَوَارِحِ مُكَلِّبِينَ تُعَلِّمُونَهُنَّ مِمَّا عَلَّمَكُمُ اللهُ فَكُلُواْ مِمَّا أَمْسَكْنَ عَلَيْكُمْ ... ](المائدة: ٤).
[مكلبين: من التكليب، وهو تأديب الحيوان وترويضه، وذلك بأن يسترسل إذا أغري بالصيد وسلّط عليه].
وقال الشافعي رحمه الله تعالى في بيان معنى " مكلبين": (إذا أمرت الكلب فأتمر، وإذا نهيته فانتهى، فهو كلب مكلّب).
ومعنى:" أمسكن عليكم" أي أمسكنه من أجلكم، وإنما يتحقق ذلك بالمحافظة على الصيد وعدم الأكل منه.
ومفهوم المخالفة يقتضي أنه إذا لم يمسك على صاحبه، بأن أكل منه، فإنه لا يحلّ، ولا يعتبر الاصطياد به عندئذٍ شرعياً.
ويدل على هذا من السنّة ما رواه عديّ بن حاتم - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال:" إذا أرسلت كلبك المعلّم، وسمَّيت، فأمسكَ وقتلَ فكُلْ، وإن أكلَ فلا تأكل، فإنما أمسك على نفسه".
أخرجه البخاري في [الذبائح والصيد ـ باب ـ الصيد إذا غاب عنه يومين أو ثلاثة، رقم: ٥١٦٧] ومسلم في [الصيد والذبائح ـ باب ـ الصيد