مَن عدا الزوج من أقاربهنّ، نساءً وذكوراً، وهو إحداد بشع يتخذ شكلاً من أشكال الجاهلية العتيقة، حيث تلزم المرأة التي توفي لها قريب أو قريبة لبس السواد، أو ما يشبهه، إعلاناً عن حزنها، وتتجنب حضور الأماكن العامة، والظهور في مواسم الأفراح ومناسباتها، وتظل على ذلك عاماً، أو يزيد، وربما كانت نفسها خلال أكثر العام لا تنطوي على أيّ حزن أو كرب، ولكنها تتصنع ذلك أمام أبصار الناس، وتتكلفه، وتتباهى به أمامهم.
إن هذا الالتزام ليس إلا معارضة صريحة وحادة لأمر رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في حديثة الواضح الصحيح:" لا يحلّ لامرأة تؤمن بالله وباليوم الآخر أن تُحدّ على ميت فوق ثلاث ليال، إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً ".
(الطلاق، باب: وجوب الإحداد في عدّة الوفاة، رقم: (١٤٨٦ـ ١٤٩٨) عن أم حبيبة رضي الله عنها.
وقد روى البخاري ومسلم، عن زينب بنت أبي سلمة قالت: دخلت على زينب بنت جحش رضي الله عنهما حين توفي أخوها، فدعت بطيب فمست منه ثم قالت: والله ما لي في الطيب من حاجة غير أني سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقول:" لا يحل لمرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليال إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً "(البخاري ومسلم المواضع السابقة).
ولا فرق في هذا الحكم بين هذا التصنّع المتكلَّف الممجوج الذي تلتزمه النساء فيما بينهنّ، وما يفعله الرجال من التزام شعارات الحزن، في ربطة العنق، ونحوها، وهو تقليد أجنبي بشع مغموس في الحُرمة والإثم.
نسأل الله تعالى أن يحقّقنا بمعنى العبودية الخالصة له، وأن يلبسنا كسوة الرضى بحكمه، والتجمّل بشرعه، وهدي نبيّه، عليه الصلاة والسلام.