قفوا بالناجيات على زرود ... تناج دوراس الدمن الهمود
نحى حمى زرود بالقوافي ... ونبك عليه بالدمع البديد
على اطلالها وكف الغوادي ... بعرصتها ودمدمة الرعود
تعرت من بشاشتها وأضحى ... يسر محولها قلب الحسود
وأخلق ثوب جدتها وكأنت ... مفوفة الدر انك والبردود
وقد كأنت تهش لزائريها ... منازلها وتضحك للوفود
سقى أيامنا بزرود غيث ... يجود مدى الزمان على زرود
ليالي باللقا بيض أعبضت ... بأيام من التفريق سود
ولي كبد بذاك الجوحري ... تلوب بها من الظمأ الشديد
وقلب لا يعنف بالتسلي ... ودمع لا يغير بالخمود
وركب أدلجوا والليل مرس ... بكلكاء على قب وقود
أبادوا العيس مما كلفوها ... دؤوبا قطع بيد بعد بيد
وما زال الهوى والشوق يرمى ... براكبه إلى أمد بعيد
إذا أنوا من الأشواق أنت ... من الجهد المبرح والوخيد
ترامى كالسهام بهم وترمى ... بخوص عيونهن إلى الورود
فقد ألفوا بها قطع الفيافي ... وقد مرنت على حن القتود
تشف جسومهم عن جمر وجد ... ويبدو عظمهن من الجلود
إلى أن ثار جيش الصبح يسطو ... على الظلماء خفاق البنود
فكفوا الزجر عن عيسى تفايت ... وخروا كالسجود على الصعيد
فرحت أسائل الركبان عمن ... أضاعوني ولم يرعوا عهودي
رمى كبدي بثالثة الأثافي ... زمان حكمه حكم الوليد
زمان أخرق قد راح سكرا ... يجر ذيول جبار عنيد
يريك الباز من خدم الحبارى ... وأسد الغاب من خول القرود
وأجدل مرقب يمسي غراب ... يهدده بأنواع الوعيد
وأيام غضاب لا بجرم ... على الأحرار معلنة الحقود
دعا داعي الحمام بعز قومي ... فوافوه على خيل البريد
وأودعهم لحود ابل جفونا ... كذا الأسياف تودع في الغمود
مضوا وبقيت بعدهم فريدا ... أقاسي وحشة الفرد الوحيد
أزى عاراً وقد أودوا حياتي ... فآنف من بقاي ومن وجودي