مصر الشيخ الامام النحرير المعتقد الشهير كان محققاً علامة فاضلاً له اليد الطولى في العلوم لا سيما في الحساب والفلك والهيئة والتقويمات انفرد بهذه العلوم وكان بها اماماً وكان مأنوساً فصيح اللسان وجيهاً ظريفاً عشوراً له مطارحة لطيفة ومذاكرة أنيسة ولد بدمشق ونشأ بها مشتغلاً بطلب العلوم إلى سنة خمس وعشرين ففيها رحل إلى مصر ثم عاد لدمشق واستقام سنة واحدة وعاد إلى مصر واستقام بها إلى أن مات وقرأ وأخذ بها العلوم عن مشايخها الجهابذة ودرس وأفاد للطالبين وانتفع به واشتهر فضله وعلا صيته وصار شيخ رواق الشام بالجامع الأزهر الجامع الأزهر فيه الأروقة يقال رواق الصعايدة رواق اليمنية رواق الأتراك رواق الشوام رواق المغاربة حتى فيه رواق العميان مدة من السنين وشاع ذكره في الديار المصرية ثم ترك ذلك ولزم داره وأسدل شعره ولازم في كل سنة الذهاب إلى الحج ويصير شيخ الركب المصري مع أي أمير خرج محافظاً للحج ولازم ذلك حتى نال الوفاة بجبل عرفات وكان معتقداً ملازماً للديانة والعبادة والصلاح وكانت وفاته في سنة اثنين وستين ومائة وألف ودفن بجبل عرفات نهار عرفة وقبره معروف هناك رحمه الله تعالى.
[السيد عبد اللطيف الكوراني]
السيد عبد اللطيف بن أحمد المعروف بالكوراني الحنفي الحلبي الشريف لأمه الفاضل الأديب البارع النبيه الكامل كان من محاسن الأدباء وظرفاء الأفاضل النبهاء ذو صون من الوقار مغضوض وطرف من الحياء مخفوض جميل الصفات والأفعال مسدد الآراء والأقوال ولد بحلب وبها نشأ وقرأ على أفاضلها كالمولى أبي السعود بن أحمد الكواكبي المفتي والعالم الشيخ حسن التفتازاني وغيرهما وظهر أدبه ونظم ونثر ومهر بالعلم والفنون وكانت له اليد الطولى على أحبابه ووالده كان رئيس كتاب المحكمة الكبرى بحلب لدى قاضي قضاتها واستقام بذلك مدة سنين مديدة ثم تولى افتاء الحنفية بحلب وكان فاضلاً فقيهاً وولده المترجم أولاً تعاني الكتابة في المحكمة ثم صار ايكنجي رئيس الكتاب أيضاً فلم يتعاط أمور الكتابة في المحكمة ولزم الانزوا والعبادة وكان شاعراً وشعره حسن مطبوع ومن شعره ما كتبه جواباً عن قصيدة أرسلها إليه الشيخ قاسم البكرجي الحلبي وهي قوله
جاءت تميس بقد دونه اللدن ... حوراء ما حل جفني بعدها الوسن
مهضومة الكشح عبل الردف ناعمة ... ومن سنا وجنتيها الشمس ترتهن
حوراء تختلس الأرواح طلعتها ... لها بكل فؤاد للورى سكن