لملاقاته فتلاقى الجمعان وتقاتلا وكان الغالب أبا الذهب فقتل علي بيك المزبور وأكثر في عسكره السفك وإراقة الدماء ومن جملة المقتولين صليبي بن عمر الظاهر وتفرقت عساكر علي بيك والظاهر ايدي سبا ثم رجع أبو الذهب إلى مصر واستقل برياستها ثم في سنة تسع وثمانين ومائة وألف توجه من مصر بالعساكر العظيمة والعدد والعدد قاصداً أجلاء الظاهر ودولته وقتله وقتل أولاده فلما بلغ الظاهر هذا الخبر استعد لمحاصرته ومضاربته وأرسل إلى بلدة يافا أعيان شجعانه الذين كان يسميهم بالفدأوية وأمرهم أن يكونوا بقلعة يافا يحصونها بالأطواب وبقي هو في بلدته عكا قلائل ورأى أنه يطول المر به في المحاصرة لها فأمر باصطناع مدفع عظيم مساحة كلته ذراع وثلث ثم إنه أمر بوضعها في المدفع مع قنطارين من البارود وأبعد معسكره عنه أربعة أميال ثم أمر برمي المدفع المذكور على القلعة فلما قوص هدمها على أهلها فخرج بعض أهاليها وقتل البعض فأمر بالقبض على من خرج سالماً وربطهم بحبل على بعضهم بعضاً ثم جلس على كرسي وأمر بضرب أعناقهم فضربت أعناقهم عن آخرهم وهو جالس ينظر إليهم ثم في ثاني يوم من قتلهم وهدم تلك البلد عجل الله له الموت فمات ثاني اليوم مسموماً بسم أرسله له عمر الظاهر وجعل لمن أدخله عليه خمسة آلاف دينار ثم إن أعيان دوله جوفوه وحملوه ميتاً إلى القاهرة فدفن بالجامع الذي أنشأه تجاه جامع الأزهر وقد أرخ وفاته أديب مصر وشاعرها الشيخ قاسم الملقب بالأديب الشافعي بقوله
ألا فانظروا في الدهر ولا تأمنوا له ... يسالم في بعض ومن شأنه الغدر
وإن هو يصفو بعض يوم يرى به ... تباريح أكدار يقل بها الصبر
فكم خان من مولى بكت بفراقه ... عيون سماء المجد والغيث والقطر
ولا سيما مير اللواء محمد ... وكان له الاسعاد والفتح والنصر
فمات على عز ونودي شأنه ... لموتته أرخ به قضى الأمر
وجامعه المزبور من أحسن جوامع القاهرة صار للمجأورين بالأزهر به أنتفاع عظيم رحمه الله تعالى
[أبو السعود الكواكبي]
أبو السعود بن أحمد بن محمد بن حسن بن أحمد الشهير كأسلافه بالكواكبي الحنفي الحلبي مفتي الحنفية بها وابن مفتيها نجل السراة الصناديد الذي أشرقت سماء الشهباء بكواكب مجدهم وحسبهم وافتخرت بفضائلهم ونسبهم الذين تسنمو أمراً في المعالي