في روضة غنا بغوطة جلق ... يجري اللجين بها على الرضراض
مع كل معسول الثنايا لحظه ... عند الفتور أحد غضب الماضي
يفتر عن حبب يجول خلاله ... ماء الحياة لميت الأعراض
أقول وقوله بغوطة جلق إلى آخره هي بقعة بناحية دمشق الشام ذات أزهار وأشجار ومياه ومحاسن وأطيار تشتمل على عدة قرى ذات أدواح وغياض ورياحين ورياض وغير ذلك وقد أجمع جواب الأرض ان منتزهات الدنيا أربع وهي شعب بوان وصغد سمرقند ونهر الأبلة وغوطة دمشق قال أبو بكر الخوارزمي وقد رأيتها كلها فكان فضل الغوطة على الثلاث كفضل الأربع على سائر الأماكن فبذلك يكون له الرونق البهيج النضر والمحاسن البهية فأما شعب بوان فهو كورة من نواحي نيسابور منسوب لبوان بن أفرح بن أفريدون قد ألحفتها الأشجار وجاست في خلالها الأنهار وهي فرسخان في سئلها وأما صغد سمرقند فهو نهر تحف به بساتين وقصور اثني عشر فرسخاً في مثلها وأما نهر الأبلة فهو نهر من أعمال البصرة وعلى جانبه بساتين كأنها بستان واحد قد خ أشجارها في يوم واحد وهو أربعة فراسخ وأما غوطة دمشق فإنها بقعة مشتبكة القرى والضياع لا يكاد أن يقع للشمس على أرضها شعاع لألتفاف أشجارها وطولها عشرة فراسخ في عرض خمس فراسخ انتهى ذكره غير واحد من أهل التاريخ كصاحب تحفة العجائب والقزويني ومن شعر صاحب الترجمة قوله مضمناً
يا مليكاً قد سبى كل الورى ... وعزيزاً عز من رام حماه
كيف لا أزداد شوقاً اذ غدت ... قبلتي وجهك في كل صلاه
وقوله في القرنفل مشبهاً
ألا حبذا في الروض زهر قرنفل ... ذكي الشذا قاني الأديم مورد
إذا ما بدا للناظرين صيته ... مجن عقيق فوق غصن زمرد
وكانت وفاته في حلب في سنة احدى وأربعين ومائة وألف عن نيف وثمانين سنة ودفن خارج باب قنسرين بتربة الشيخ نمير رحمه الله تعالى وأموات المسلمين
[سليمان سوار]
سليمان بن مصطفى بن مصطفى المعروف بابن سوار كأسلافه الشريف لأمه الشافعي الدمشقي الشيخ الفاضل البارع الصالح كان موفقاً لمرضاة الله تعالى مع حسن السلوك وكان فيه البركة سالكاً مسلك أسلافه وله يد بالعلوم وفضيلة تامة ولد بدمشق ونشأ بها واشتغل بالعلوم وقرأ على جماعة منهم الشيخ محمد الغزي