حسن المصليحي واشتغل عليهم وحصل منهم معقولاً ومنقولاً وأجازوه بالفقه والنحو والأصول والحديث وغير ذلك من العلوم وحصل فضلاً لا بأس به وقدم دمشق في سنة اثنين وسبعين ومائة وألف واشتغل بالأقرأ والتدريس فأقرأ في الجامع الأموي صيفاً وشتاء ولزمه الطلبة وهو الآن مستقيم على ذلك غير إنه يتعرض للوكالات والخصومات والدعاوي فبسبب ذلك يقع في المضرات ويصير هدفاً لسهام أقوال الناس وهو مستقيم على ذلك بالباع والذراع وهو ممن كان والدي يودهم ويكرمهم وله الينا تودد وتردد وبالجملة فهو من الأفاضل المتفوقين وكانت وفاته قبيل العصر من يوم الثلاثاء لعشري ذي الحجة سنة ست وتسعين ومائة وألف ودفن من يومه بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى.
[عبد الرحمن الموصلي]
عبد الرحمن بن إبراهيم بن عبد الرحمن المعروف بالموصلي الشافعي الميداني الدمشقي الصوفي الاستاذ الكامل المربي شيخ الطريقة الأفضل أحد مشاهير المشايخ المعتقدين وهو وأسلافه مشايخ مشاهير لهم حفدة ومريدون وأملاك وعقارات وقد اشتهروا ببني الموصلي وينتهي نسبهم إلى الشيخ العارف بالله تعالى الشيخ أبي بكر الشيباني رضي الله عنه وكان صاحب الترجمة شيخاً أديباً فاضلاً بارعاً ناظماً ولد في سنة احدى وثلاثين وألف وطلب العلم ومهر وساد وأقبل على مطالعة الدواوين الشعرية وله نظم حسن كثير وديوانه متداول وكان معتقداً عند خاصة الناس وعامتهم مبجلاً معظماً كريم الأخلاق كثير السخاء مصون اللسان وقد اشتهر بالأدب وبهر وفاق على أهل عصره ووالده كان فقيهاً فرضياً حسن الخلق مبذول النعم وله ثروة وافرة وتوفي في المدينة المنورة في محرم سنة أربع وخمسين وألف ودفن ببقيع الغرقد وولده المترجم ترجمه الأديب السيد الأمين المحبي في نفحته وقال في وصفه هو في الميدان سابق طلق عنانه وكأنما حشر الصواب بين بيانه وبناته من ملأ رتعوا بأنضر خميله وبذلوا ما شاء السماح من عارفة جميله مكانه في السراة ذروة الثمام وليديه في الجود آثار الغمام لا ينبئ الا عن ظل الكرامة الأندى ولا يبيت الا حيث المحلق والندي وقد متعني الدهر برهة بحضرته فتقلبت معه في بهجة العيش ونضرته وسمعت لفظاً غذاء الروح وشاهدت خلقاً فيض الملائكة والروح إلى تثبت يستخف الجبال الرواسي وانعطاف يلين القلوب القواسي وأنا من ذلك العهد لا افتر عن تذكره بخاطري وأتمثل شخصه في ضميري حتى كأنه حاضري وله أشعار كلها نكت للمستملي وملح للذيق المستحلي وفيها نخب للفتاك وسبح للنساك يقول ما يشاء فتستحسنه