وعيوب نفسك لو تعدّ ألوفها ... أهل الحساب لكان ذاك يطول
هذا ورب الدار يعلم ما بها ... لكن لعمري بالسوى مشغول
يغضى عن الداء الدفين بجسمه ... جهلاً به أوانه المعقول
كلا بل الرجل البصير بعيبه ... عن جلّ أرباب الحجى منقول
عهدي بك الامسىّ فقاع الفلا ... واليوم في كسب الملامة غول
شرّ عليك فعالك الذم الذي ... يأباه شرّ الخلق يا مذهول
محصية تأتيك في يوم به ... كل امرئ عما جنى مسئول
وبالجملة فقد كان المترجم من محاسن دمشق وكانت وفاته في سنة ثمانين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير رحمه الله تعالى
[مصطفى العمري]
ابن عبد القادر بن بهاء الدين العمري المعروف بابن عبد الهادي الشافعي الدمشقي البارع الفاضل التقي التقي الدين الكامل ولد في حدود سنة سبع وتسعين وألف وتوفي والده العلامة الفاضل وهو ابن ثلاث سنين فنشأ يتيماً وطلب العلم فقرأ على جماعة من الشيوخ في عدة فنون وبرع في النحو والمعاني والبيان والبديع وأجاز له جماعة من الأجلاء كالاستاذ الصمداني الشيخ عبد الغني النبالسي الدمشقي وغيره وكان أخوه الشيخ السعدي المقدم ذكره يعتني بشأنه ويزدهي بإنسانه وكان للمترجم شعر وأدب فمن شعره قوله من قصيدة
بين اللواحظ والقوام السمهري ... قلبي الكليم بأبيض وبأسمر
من كل وضاح الجبين إذا بدت ... قسماته أربت على ابن المنذر
ولرب مجدول الوشاح إذا انثنى ... بين الغلائل كالقضيب المزهر
أنفقت دون هواه درّ مدامعي ... وخلعت دون لقاه برد تصبري
وسنان طرف أرسلت لحظاته ... سهم المنون عن الجفون الفتر
ريان من خمر الدلال كأنما ... سقي شبيبته بماء الكوثر
وغدا بفرط بهائه ودلاله ... يختال في برد الشباب الأنضر
ما رمت أجني الورد من وجناته ... الارنا بلحاظ ظبي أعفر
عذب المقبل عاطر الثغر الذي ... يحوي اللآلئ من صحاح الجوهر
فإذا بدا فضح الغزالة وجهه ... وإذا عطا يحكي التفات الجؤذر
لم أنس ليلتنا به في روضة ... جرّ النسيم بها ذيول المئزر