الشيخ الفاضل المعالم العامل الفقيه البارع المفنن أبو الصفا قدم مصر وأخذ عن المتصدرين بها كالشهاب أحمد بن عبد الفتاح الملوي قرأ عليه عدة فنون وروى عنه وهو أشهر شيوخه وغيره وبرع وفضل ودرس وأفاد وعنه أخذ شيخنا أبو العرفان محمد بن علي الصبان الشافعي وغيره وحج سنة ثلاث وسبعين ومائة وألف فلما قضى حجه ورجع أدركته الوفاة في منزلة من منازل الحج المصري يقال لها أكرى ودفن بها.
[خليل بن علي البصير]
خليل بن علي الموصلي السيد الشريف صاحب البصيرة الوقادة كان نادرة من النوادر مع علم وعمل وتجويد وتبريز بكل صناعة وكان في الحفظ آية باهرة يحفظ الصحيفة بسماعها مرة أو مرتين وله سفرات عديدة إلى حلب والرها والروم والعراق وله لطائف نفيسة كان حاضراً في مجلس بعض الوزراء فأخبره بعض الحاضرين ان القاضي فلان ممتحن بزوجته وبالأمس اقتتلا فآذته فقال على الفور يا ليتها كأنت القاضية وكان يحفظ من الشعر ما لو كتب لكان أسفاراً وكان له في النحو والصرف والعلوم العقلية اليد الطولى وله نظم بالفارسية والتركية والعربية ونثر رشيق وله معرفة تامة بالمويسيقى وكان مهذب الأخلاق ميمون الطلعة مأمون العشرة ومن قريضه الرايق ونظمه البديع الفائق قوله مؤرخاً واقعة العجم
كفى الله أهل الموصل الشر اذ أتى ... عدو لهم من جانب الشرق ناهض
أجل ملوك العجم نادر اسمه ... ظلوم غشوم للمواثيق ناقض
سبى نسوة السكان في البيد والقرى ... بظلم وكل في المهالك حائض
وساق أناعيم الرساتيق كلها ... فما في الضياع اليوم بكر وقارض
فحاصرنا ستين يوماً مهيجاً ... حروباً وفي الجمعات ماتت فرائض
فحاربه الدستور والي ديارنا ... حسين بعون الله وهو يناهض
فألقى رعب في قلوب جنوده ... فبانوا وكل نحو مثواه راكض
فلما أزال الله عنا شعوبهم ... بتوفيقه أرخت زال الروافض
وقوله مخمساً
نأى الغزال الذي في القلب موضعه ... ياليت شعري أي الروض مرتعه
ناديته بانكساري إذ أودعه ... يا راحلاً وجميل الصبر يتبعه
هل من سبيل إلى لقياك يتفق
نار المحبة في الأحشاء حامية ... والعين كالنهر طول الدهر هامية