إبراهيم الخليل وهي إن رجلاً من الوزراء يقال له ناصوح جاء إلى مدينة إبراهيم الخليل عليه السلام قال فتخيلت منه إرادة الانتقام من أهلها فذهبت مع جماعة منهم شيخنا الشيخ حسن الغزالي لجنابه الشريف وجعلت استغيث به ففي تلك الليلة رأى رجل من أصحابنا يقال له الشيخ محمد الغزالي المترجم في رحلة سيدي عبد الغني مكتوباً جاء من رسول الله صلى الله عليه وسلم فيه من محمد بن عبد الله ورسوله إلى جده الأعظم أرفع هذه الغمة فأقلع الوزير ولم يحصل على شيء وكان المترجم مجاب الدعوة تهابه الأعراب والأعيان ولا يخالفون له أمراً وبالجملة فقد كان نادرة الزمان ونتيجة العصر والأوان ولم يزل على هذه الحالة الحسنة إلى أن مات وكانت وفاته في سنة سبع وأربعين ومائة وألف ودفن بمدرسة البلدية ورثاه تلميذه العارف السيد مصطفى البكري بقوله
أيها الذات في حمى الذات قيلي ... فلقد لذلي لديها مقيلي
واطربي واعربي عن السر إذ ما ... لك منا إني إليه وكيلي
وهي طويلة جداً مذكورة في ديوان الأستاذ المرقوم اقتصرنا منها على المطلع
[الوزير محمد باشا]
ابن مصطفى بن فارس بن إبراهيم وجده لأمه الوزير الشهير إسمعيل باشا الدمشقي الشهير بابن العظم الوزير الكبير صاحب الرأي السديد والحزم والتدبير كريم الشيم والأصول ومن جمع من أنواع المزايا وشرائف السجايا وبدائع الكمالات ما لا تحيط به العقول
ذا وزير لم يأل في النصح جهداً ... ظل يسعى بكل أمر حميد
ومتى عدّ آل عثمان جمعاً ... يالعمري فذاك بيت القصيد
كان من رؤساء الوزراء عفة وكمالاً وعدلاً وديناً وسخاءً ومروءة وشجاعة وفراسة وتدبيراً وكان واسع الرأي مهاباً بحيث إنه يتفق فصل الخصومة بين الشخصين بمجرد وقوفهما بين يديه ونظره لهما ينقاد المبطل منهما للحق وهذه المزية قد استأثر بها وكان يحب العلماء والصلحاء والفقراء ويميل إليهم الميل الكلي ويكرمهم الاكرام التام باليد واللسان ذا شهامة وافرة وشجاعة متكاثرة وحرمة واحتشام وكمال مشهور في الأنام طاهراً من كل ما يشين مشغول الأوقات أما بفصل الخصومات بين المسلمين أو بتلاوة كتاب الله المبين أو بالصلاة على سيد المرسلين أو اصطناع يد أو اسداء معروف إلى أحد من المساكين لم تسمع عنه زلة ولم تعهد له صبوه ولم يوقف له على كبوة ولا هفوه ميمون الحركات والسكنات مسعوداً في سائر الأطوار والحالات بحيث إنه لم يتفق له توجه إلى شيء إلا ويتمه الله له على مراده ولم يتعاص عليه أحد إلا ويكون هلاكه على يديه ولد بدمشق في عاشر شوال سنة