المكر ولا الحسد يحسن إلى من يسئ إليه حسن الهيئة بشوش الوجه كثير التواضع طارح الكلفة قوي الثقة بالله تعالى صادق اللهجة ميمون النقيبة مقبلاً على مطالعة كتب العلم تاركاً لما لا يعنيه هيناً ليناً في دنياه شديداً في أمر دينه مؤثراً للعزلة والانجماع لا يجنح إلى الرياسة ولا يمتد اليها منه الأطماع وعاش في مدة عمره موسراً مرفهاً مسعود الحركات رغد العيش دائم السرور مع الديانة والصيانة والعفة وكثرة الصدقات وكان له شعر بليغ كان ينظمه في أوقات فراغه ترويحاً لخاطره فمنه قوله من قصيدة امتدح بها ابن خاله العلامة أحمد الصديقي لما ولي قضاء مكة سنة خمس عشرة ومائة وألف مطلعها
لمن دمن بالرقمتين فحاجر ... محت رسمها أيدي الرياح الأعاصر
أزلت بها دمعي وصنت سريرتي ... فأبدت دموعي ما حوته سرائري
فلا تحسبن ما تسكب العين أدمعا ... ولكنها روحي جرت من محاجري
ديار بها حزني ووجدي ولوعتي ... وشوقي وأشجاني وقلبي وخاطري
ومنها في المديح
له في ذرى العلياء أرفع رتبة ... توارثها عن كابر بعد كابر
ومنها في الختام
فلا زلت في عز يدوم ورفعة ... وتقليد انعام ونشر مآثر
مدى الدهر ما فاه اليراع بمدحكم ... وغرد قمري بروض أزاهر
وله غير ذلك توفي ليلة الجمعة ثاني عشر رمضان سنة ثمان عشرة ومائة وألف بعد أن أخذه الفواق نحو ساعتين من الليل وهو قاعد صحيح العقل يكثر من الشهادتين فتوفي قبل الفجر ودفن بتربة مرج الدحداح رحمه الله تعالى.
[السيد عبد الرحمن الكيلاني]
السيد عبد الرحمن بن عبد القادر بن إبراهيم بن شرف الدين بن أحمد بن علي الكيلاني الحنفي الحموي القادري نزيل دمشق وأحد صدورها الأعلام السيد الشريف العالم الفاضل المدقق المحقق الأديب الماهر النبيه المتفوق الناظم الناثر البارع ولد بحماه في سنة ثلاثين ومائة وألف وقدم دمشق مع والده كما أسلفنا ذلك في ترجمته وقرأ على بعض الشيوخ كالشيخ أحمد المنيني والشيخ محمد الكردي نزيل دمشق والشيخ صالح الجينيني والشيخ حسن المصري نزيل دمشق والشيخ أحمد البهنسي الدمشقي وحصل الفضل والأدب وسافر إلى قسطنطينية وعاد بنقابة دمشق وتولاها غير مرة مع رتبة السليمانية المتعارفة بين الموالي ولما كان نقيباً قامت عليه