العلامة العمدة الفهامة الفاضل الصالح التقي كان متضلعاً من عدة علوم مع الصلاح والتقوى ولد في سنة خمس وثلاثين بعد الألف ونشأ واشتغل بالقراءة على جماعة وأخذ عنهم منهم الشيخ منصور السطوحي نزيل دمشق وحج معه مرتين وأخبر عنه انه كان يفرق في المدينة ثلاثمائة قميص وسبع جبب وثلاثمائة بابوج وتسع سراميج وخمسمائة ذهب مشخص وكذلك في مكة المشرفة يفرق خمسمائة ذهب ومنهم الشيخ محمد يحيى البطنيني ومحدث الشام الشيخ محمد نجم الدين الغزي والشيخ عبد الباقي الحنبلي والشيخ محمد بن بلبان الصالحي الدمشقي ودرس وأفاد بالجامع الأموي مدة تزيد على ثلاثين سنة وبالمدرسة اليونسية مدة مديدة ولزمه جماعة وأخذوا عنه منهم الشيخ محمد الحبال والشيخ عبد السلام الكاملي وآخر من روى عنه الشيخ صالح الجينيني وكأنت وفاته بدمشق في ليلة الأحد غرة جمادي الثانية في سنة ست ومائة وألف ودفن بتربة مرج الدحداح بالقرب من الشيخ أبي شامة رضي الله عنهما.
[حيدر الحسين أبادي]
حيدر بن أحمد الشافعي الحسين أبادي الشريف الصفوي كان في التقوى والزهد والعلم والعمل على جانب عظيم وكان مرجع علماء قطره ولد في حدود سنة ست وثلاثين وألف وكان قد أخذ العلم عن والده وهو عن أبيه حيدر وترجمه صاحب الروض فقال في حقه هذا الثاني صاحب المثالث والمثاني باقة مسك ضاع ندا وعبق مجداً فعطر الكون برياه العاطر وحاز بطيب مكارم فضائله المعالي والمفاخر.
فاح الثرى متعطر ببيانه ... حتى حسبنا كل ترب عنبرا
وترجمتهم في كتأبي المومي إليه فقلت هذا البيت كالسبع المثاني في البيوت وأهله بين الأنام كالجواهر والياقوت نهلوا من نهر المجرة واقتطفوا بالمعالي زهر الزهرة تغذوا بلبان المجد وتربوا بموائد المدح والحمد وتفوح من طيب الثناء روائح لهم بكل مكانة تستنشق
مكية النفحات الا انها ... وحشيه بسواهم لا تعبق
أنتهى وله تآليف عديدة منها حاشية كبيرة على شرح اثبات الواجب وسافر لدار السلطنة العلية قسطنطينية المحمية سنة ست وعشرين ومائة وألف ثم رجع منها إلى الموصل وتوفي بعد عوده بنحو ثلاث سنين وقد جأوز التسعين ويقال انه لما توفي ظهرت لوفاته امور خارقة فاشتد الريح وأرعدت السماء وأبرقت وأحمرت الدنيا وأسودت بالغبرة الآفاق فكانوا يرون ان ذلك حزناً