ابن محمد المعروف بابن بيري الحنفي الحلبي البثروني تقدم ذكر أخيه عبد الرحمن وهذا هو الأديب الذي سقى رياض الطروس بمياه براعته فأنبتت في الصحائف أزهار البلاغة والفصاحة واشتهر بالأدب النفيس قدم دمشق مراراً وخالط أدبائها وأفاضلها واشتهر بينهم وكان وحيد أقرانه في زمانه وترجمه السيد الأمين المحبي في ذيل نفحته وقال في وصفه ماجد امتطى بأخمصه فرق الفرقد واتخذ الصهلة والصهوة أنعم المنعم وأفعم المرقد رقى من الفضل أسمى المراقي وأترع دلوه من السؤدد إلى العراقي فخبره قد أخذ من الكمال بالمجامع ومخبره تفتر منه ثغور الأماني في وجوه المطامع وبيني وبين أبيه في قسطنطينية وأنا وإياه عقيداً وداد في بلهنية هنية ذمم لا ترفض وعصم لا تنقض فعهده نقش على صخر ووده نسب ملآن من فخر وأما كماله فقد تجاوز حده منه ما تم لم فإصابته عين فيما أم له فأخطأه ما أمله فلئن أصلته الأيام بنار نوائبها ونفرت عن يده الطولى بذوائبها فلولا السبك ما عرف للتبر صرف ولولا النار ما عرف للعود عرف وولده هذا أرجو له حظاً وافياً وعمراً يكون ما بقي من الكدر صافياً فهو للمعالي ملء نواظرها وللأماني مطمح مناظرها وللدهر فيه عداة نجازها مضمون وآخرها كأولاها من شوائب الزمان مأمون وقد ذكرت له ما تستجليه بكراً وتصقل به روية وفكراً انتهى مقاله فيه وفي أبيه ومن شعره قوله وكتبها إلى الشيخ سعدي العمري الدمشقي وهي
أفاتن بالألحاظ أهل الهوى فتكاً ... فقد صال في العشاق صارمها فتكا
وكف سهام اللحظ عن مهجتي فقد ... هتكت حجاب الصبر عن صدرها هتكا