وسمع منه عدة من كتب الحديث منها الجامع الكبير للحافظ السيوطي ثم بعد وفاته لازم دروس الشيخ التغلبي المذكور لما جلس بين العشاءين مكان الشيخ أبي المواهب بعد موته ثم لازم بعد وفاته دروس حفيده الشيخ محمد المواهبي لما جلس مكان جده وأعاد له إلى أن توفى وكان المترجم بارعاً في الفقه كثير الاستحضار لفروعه ماهراً بالفرائض وعلم الغبار حتى كاد أن ينفرد بمعرفة هذين الفنين بدمشق وكان ديناً ورعاً صالحاً متواضعاً ومناقبه جمة وقد تمرض بمرض طويل وتوفى وكانت وفاته بدمشق في غرة رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائة وألف رحمه الله تعالى
[مصطفى الخليفة]
ابن عبد القادر بن أحمد بن علي الشهير بابن الخليفة الحنفي الدمشقي أحد أعيان الكتاب بدمشق كان كاتباً بارعاً بالأدب والكتابة منشأ بالتركية والعربية لوذعيا له اطلاع بالشعر والأدب مع معارف يكتب أنواع الخطوط سيما في تنميق الدفاتر ومتعلقات الأوقاف فإنه كان بذلك ماهراً جداً وله باع في الرقعة والديواني والفرمة وغير ذلك وعليه كتابات ككتابة وقف الأموي والحرمين وغير ذلك ونظارتها وغير ذلك وكان المترجم وأخوه حسن بن الخليفة متصرفين بأقلام الأوقاف المزبورة ومتعلقاتها حتى استولوا على عقل متولي الجامع الأموي الشيخ إبراهيم السعدي وتصرفوا فيه وفي الحرمين والمصريين تصرف الملاك وبعد وفاة أخي المترجم اضمحل حالهم وزال رونقهم وانقضت دولتهم وكان المترجم يستعمل أكل البرش المعجون المعلوم ويستغرق به وكانت عنده كتب نفيسة ويجري بينه وبين أدباء دمشق وأعيانها المطارحات والنكات والنوادر ويستعذبون حركات المترجم ونوادره المضحكة فمن ذلك ما كتبه إليه الأديب السيد محمد الراعي هاجياً له بقوله
جرّت عليك من الشقاء ذيول ... وعليك من برد العناء خمول
يا باذ لا نقد المضرة للورى ... ها أنت داك البارد المخذول
سدت اللعين بمكره وخداعه ... وعليك فعل الملحدين قليل
وأراك في نشر الرذالة لاهياً ... عبثاً بأعراض الأنام تجول