للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وبالجملة فقد كان المترجم القاري من صدور أعيان دمشق ورؤسائها وبلغ مرتبة من العليا سامية وقدراً من الجاه وافراً عالياً وكان خرج له في صدره دملة وعظمت حتى أخذت سائر صدره وعولجت كثيراً فلم تفد وانحلته ولم تطل مدته ومات وكانت وفاته في يوم السبت التاسع والعشرين من شعبان سنة اثنين وثلاثين ومائة وألف ودفن بتربة الباب الصغير وبعده تصدر في دارهم ولده المولى عمر القاري وبلغ شهرة وافية ورقا إلى مراقي سامية ونفذت كلمته وعلت حرمته وراس بدمشق واشتهر كذلك وبعده لم يخلفه أحد مثله منهم وكانت وفاته في يوم الجمعة سابع رمضان سنة ثمان وأربعين ومائة وألف ودفن بباب الصغير أيضاً رحمهم الله تعالى وسيأتي ذكر ابن عم المترجم محمد القاري في محله.

[عبد الرحمن التاجي]

عبد الرحمن بن تاج الدين بن محمد بن أبي بكر بن موسى بن عبده الولي الكبير المدفون في جبل الأقرع من أعمال انطاكية المترجم في در الحبب في أعيان من دخل حلب للعلامة شمس الدين محمد الحنبلي الحلبي وهذا المترجم هو الشيخ الخطيب المعروف بالتاجي الحنفي البعلي العلامة البارع الفاضل المحقق كان عالماً فاضلاً هماماً بليغاً أديباً في غاية من الجرأة ذا وقار واعتبار وعقل تام وله في الأمور وأبناء الزمان اختبار ولد في بعلبك في سنة ست وأربعين بعد الألف وقرأ الكثير على الشيخ عبد الباقي وعلى السيد محمد البرزنجي وغيرهما وأخذ عن الشيخ إبراهيم الكوراني المدني والشيخ محمد بن سليمان المغربي والشيخ حسن العجيمي المكي واقرأ الدروس الخاصة والعامة وطلب لخطابة دمشق لما انحلت عن العلامة الشيخ علاء الدين الحصكفي مفتي الحنفية وخطب بها مدة وكان حسن الصوت له المعرفة التامة في ألحان الموسيقى وكان ذا ثروة ودنيا ولذلك أنشد فيه الأديب الشيخ رجب الحريري حين وعده بارسال شيء من العسل ولم يوف الوعد قوله

يا شبه قارون في مال وفي سعة ... وياسمي الذي للمرتضى قتلا

إني عجبت لمثلي كيف صاغ له ... من أرقم ذات سم يطلب العسلا

ولما دفعهما إليه أجابه بأحسن جواب حيث قال له أنت كالحدأة سلاحها لسانها ورجب المذكور كان أعجوبة دهره في الشعر له باع في أقسام الشعر خصوصاً الهجاء وله فيه نوادر عجيبة وكان مكثاراً بديهاً وترجمه الأمين في تاريخه ونفحته وذكر أنه كان حمصي الأصل دمشقي المولد وتوفي بحلب في سنة احدى وتسعين

<<  <  ج: ص:  >  >>