وألف وكان صاحب الترجمة له رتبة الصحن المتعارفة بين الموالي وله توجهات إلى حلب وصحب الجد الكبير الاستاذ الشيخ السيد مراد وأخذ عنه الطريقة النقشبندية وله محبة أكيدة مع الشيخ العارف الكبير الشيخ عبد الغني النابلسي ويجري بينهما مطارحات أنيقة يجئ ذكر بعضها وكان له شعر في غاية البلاغة ومقاطيع ذكرهم في ديوانه المشهور وفي آخر عمره توجه لدار الخلافة في الروم لأجل ما وقع لولده الآتي ذكره إن شاء الله تعالى واجتمع بشيخ الاسلام المولى فيض الله وأمره بالتوجه معه إلى أدرنة لقضاء مآربه فتوجه معه وأنشده له قصيدة آخرها فارحم مشيبي يا همام فانني جاوزت للسبعين حداً مذعناً فأنا له منه ما تيسر ثم لما رجع منها بعد أن تزوج بامرأة أخيه العالم البارع المتوفي بقسنطينية واستقام فيها مقدار سنتين دخل بعلبك مريداً التوجه إلى داره بدمشق فأدركه الحمام وترجمه الأمين المحبي في نفحته وذكر له من شعره وقال في وصفه أديب سامي القدر متوقد كالقمر ليلة البدر حسن المحاضرة بالانشاء وارف الظلال والأفياء يجري على طرف لسانه ما ينطق الدهر باستحسانه وهو أخ لك في الغرض جوهر أخلاقه لا يشوبه عرض وفيه لوذعية تحبيه وبشاشة تزلفه وتقربه وبيني وبينه صحبة ألحمتها الآداب وسدتها ومودة ربطتها موافقة القلبين وشدتها وهو اليوم طلق الشعر ثلاثاً ونقض غزله أنكاثاً وتخلص لعلم ينفعه في الحال ولمآل ويجدد له في الله كل ما تعوده من أماني وآمال وقد أثبت له من أوائل شعره كل بديع الوصف زاد على الجوهر في الشفافية والرصف انتهى ما قاله ومن شعره ما كتبه للاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي بقوله
تذكرت أيام الصبابة والصبا ... وعيشاً مضى ما كان أهنى وأطيبا
زماناً به كانت يد الدهر برهة ... تقمصني ثوب السعادة مذهبا
سقى الله ذاك الشعب غيث مدامعي ... إذا الغيث يوماً عن مغانيه قطبا
مغان بها كان أئتلاف مسرتي ... واقبال عيشي بالأماني أخصبا
منازل فيها للبدور مطالع ... على أن فيها للسحائب مسحبا
أقمت بها بين البشاشة والقري ... وإن شئت قل بين المحبة والحبا
وكم سيق من نعمي إلي ونعمة ... وكم قيل لي أهلاً وسهلاً ومرحبا
أبيت أجر الذيل تيهاً ورفعة ... ولا أرتضي غير السماكين مضربا
ويجمعنا بين العشائين جامع ... نسائر فيه الصحب شرقاً ومغربا
ونقصد للروض الوريف الذي له ... علا منزل زاد اعتلاء لنطربا