دواماً ما تثنى غصن بان ... وناح الطير بالصوت الرخيم
وما البكري كمال الدين يشدو ... لمن دار عفت بين الرسوم
[الشيخ سعدي العمري]
سعدي بن عبد القادر بن بهاء الدين بن نبهان بن جلال الدين العمري الشافعي الدمشقي المعروف بابن عبد الهادي الشيخ العالم الفاضل البارع الأديب الناظم الناثر نادرة العصر ويتيمة الدهر كان من محاسن أدباء دمشق مفنناً كاملاً ولد بدمشق بعد الثمانين وألف ونشأ بها وطلب العلم فقرأ على جماعة من شيوخ دمشق منهم العلامة الشيخ عثمان الشمعة قرأ عليه مختصر المعاني والبيان وشرح الكافية للجامي وأجاز له الاستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي وبرع في النحو والمعاني والبيان والأدب ونظم الشعر الحسن والنثر البديع والخط المعجب ورحل إلى الروم في سنة احدى وثلاثين وخدم سلطانها السلطان أحمد خان رحمه الله تعالى بقصيدة كل بيت بتاريخ حين بنى خزينته لكتب العلم وولي تولية مدرسة دار الحديث الكائنة بدمشق وبعده أخذها المولى محمد العمادي وكانت سابقاً على والده تولاها لما مات العلامة الشيخ عبد القادر الصفوري وكان مدرس المدرسة المذكورة ومتوليها وصادف انه كان بالروم صحبة الأستاذ الكبير الشيخ محمد بن سليمان المغربي نزيل مكة فوجهت إليه وترجم المترجم الشيخ سعيد السمان في كتابه وقال في وصفه بارع تشق فكرته جيوب الظلماء ويشف طبعه كما يشف الزجاج عن رائق الماء مد للكمالات ذراعاً فاقتعد من سمائه مرزماً وذرعاً وطلع في أفق المحاسن نجماً متقداً واستخلص جواهر الألفاظ منتقداً فأبرزت أصداف رويته درر المعاني وتفتحت كمائمها عن زهر الأنسجام للمعاني فما تخيل معنى الا وآوى إليه ولا أجرى قلما الا وتراكمت القوافي عليه لم ينضب له ماء اقتضاب ولم يصد لمخيلته افرند قرضاب قد جمع بين الظرف والرقة بلطف صير حبات القلوب رقه يألف السمر كما تألف الرياض بلبلها والجوانح مبلبلها فإذا نظم بهر أو نثر فزهر على نهر أو تكلم استنكفت النحور عن جواهر البحور إلى نسبة لا تطاول وسؤدد لا يحاول وفكاهة ترد الشب شباباً وتسترق من ذوي النهى آراء والبابا ولما استقل بالوجاهة استقلالاً واكتمل بدره بعد ما كان هلالاً نزع للروم بداً وورد عذبها مطرداً فتأرجت بأنفاس نظامه واستهدت برفعته وأعظامه وكان في نفسه حاجة فقضاها واكتفى بها مسيرة وارتضاها فخلص منها