لتبك المعالي بعد فقدك حسرة ... كما لبست ثوب الحداد المفاخر
أيا لوذعياً كان في الفضل باهراً ... ومن عيشه بالبشر والعز هامر
لقد كنت بحراً في الفضائل والذكا ... خطيباً لبيباً نور علياك ظاهر
وقمت بأعواد المنابر واعظاً ... بحسن بلاغ منه ناه وزاجر
عليك من الرحمن ألف تحية ... ورضوانه ما ناح في الروض طائر
وما قال بالحزن الجزيل مؤرخ ... على صالح يا قوم تبكي المنابر
[صالح الجينيني]
صالح بن إبراهيم بن سليمان بن محمد بن عبد العزيز الحنفي الجينيني الأصل الدمشقي المولد النعمان الثاني وعمدة ذي التحقيق وشيخ الحديث العمدة الرحلة العلامة الفهامة كان عالماً محدثاً فقيهاً حسن الأستحضار عديم النظير في فقه أبي حنيفة النعمان حتى إن الدر المختار شرح تنوير الأبصار لكثرة اقرائه وقراءته صارت مسائله نصب عينيه وكذلك غالب كتب المذهب كالأشباه والنظائر والدرر وغيرها وكان حسن الخلق سلم المسلمون من يده ولسانه وكانت الطلبة تسير إليه صبيحة كل يوم سوى الاثنين والخميس ويومي التعطيل وكان حريصاً على الافادة ولم يكن في وقته أعلى سنداً منه وانتهى إليه فن الفقه في زمانه وكان جليسه لا يمل ولو جلس مدى الدهر لما حواه من حسن الاستحضار مع إيراد النكت اللطيفة والحكايات الظريفة حسن العشرة للخلق ومعاملتهم بالرفق حتى إنهم يهرعون إليه إذا رأوه ويقبلون يديه ولد بدمشق في سنة أربع وتسعين وألف ونشأ بها وأخذ عن جماعة كثيرين وقرأ عليهم فمن مشايخه والده الشيخ إبراهيم الجينيني الحنفي والشيخ أبي المواهب الحنبلي والشيخ نجم الدين ابن خير الدين الرملي والأستاذ الشيخ عبد الغني النابلسي والشيخ عبد الله بن سالم البصري المكي والشيخ محمد بن علي الكاملي والسيد إبراهيم بن حمزة نقيب الأشراف بدمشق والشيخ عبد الرحيم الطواقي الدمشقي واستجاز والده له من جماعة وأخذ عنهم كالمحدث الكبير الشيخ محمد بن سليمان المغربي صاحب التآليف المشهورة والشيخ حسن بن علي العجيمي الحنفي المكي والشيخ زين العابدين بن محمد الصديقي المصري والشيخ محمد بن عبد الرسول البرزنجي الحسيني الكردي نزيل المدينة المنورة والشيخ رمضان بن موسى العطيفي الدمشقي والشيخ محمد بن علي المكتبي الدمشقي والشيخ القاضي حسين بن محمود العدوي الصالحي الدمشقي والشيخ علي بن محمد الكاملي والشيخ أبي الحسن بن إبراهيم