الذين يجمعهم ثبته وكان يرزق من عمل يده في تجليد الكتب ومن ملك له في قرية دوما وبارك الله له في رزقه فحج أربع مرات وكان يلازم الدرس لأقراء العلوم بالجامع الأموي بكرة النهار وبعد وفاة شيخه أبي المواهب بين العشائين بالجامع الأموي أيضاً وأخذ عنه خلق لا يحصون وانتفعوا به وكان ديناً صالحاً عابداً خاشعاً ناسكاً مصون اللسان منوراً بشوش الوجه تعتقده الخاصة والعامة ويتبركون به ويكتب التمائم للمرضى والمصابين فينفعهم الله بذلك ولا يخالط الحكام ولا يدخل اليهم وألجأته الضرورة مرة لأداء شهادة عند قاضي دمشق الشام فدخل وجلس فناوله الخادم الفنجان القهوة فتناوله ووضعه بقرب فمنه وأوهم القاضي إنه شربه ثم أعطاه للخادم فعرف القاضي ذلك لأنه كان يلاحظه فقال له أراك تورعت عن شرب قهوتنا فمن أين تكتسب فقال من عمل يدي في تجليد الكتب وقد حججت بحمد الله تعالى أربع مرات فقال له القاضي كيف هذا فقال له إن الله تعالى خلق آدم واحداً وبارك في ذريته حتى ملأوا الدنيا كذلك يبارك الله تعالى في الرزق الحلال القليل حتى يكون كثيراً فأذعن القاضي لذلك وأثنى عليه وصنف شرحاً على دليل الطالب في مذهب الحنابله وكانت وفاته في ليلة الثلاثاء الثامن عشر من ربيع الآخر سنة خمس وثلاثين ومائة وألف ودفن تحت رجلي والده بمقبرة مرج الدحداح رحمه الله تعالى ورضي عنه وأعاد علينا من بركاته وقال مؤرخاً لوفاته تلميذه الشيخ محمد الغزي الدمشقي العامري بقوله
كم من نعيم عند ربي قد خبى ... للشيخ عبد القادر التغلبي
علامة الوقت ونحريره ... وشيخ أهل العصر في المذهب
الخاشع الناسك رب الحجى ... القانت الراوي حديث النبي
قد كان ذا زهد وذا عفة ... سليم صدر صافي المشرب
أصبب أهل الشام لما قضى ... أبو التقى ذو المسلك المعجب
فأي دمع ما همى مشبهاً ... صوب حيا منهمر صيب
جادت ضريحاً ضمه ديمة ... تروى ثراه بالحيا المشعب
تاريخه دار البقى حله ... أبو التقى بالمنزل الطيب
[عبد القادر الكردي]
عبد القادر بن عبد الله بن إسمعيل الشافعي العبدلاني الكردي نزيل دمشق القادري الشيخ العالم المحقق الفاضل الورع الزاهد كان محققاً عالماً ذا زهد وتقشف مع كمال الاجتهاد في الطاعة والعبادة وله السلوك الوافر في طريق القوم